KFARKELA

HISTORY AC 1100 to 1920

Home
HISTORY BC
HISTORY AC to1100
HISTORY AC 1100 to 1920
ISRAELI OCCUPATION
Lebanon and Israeli Occupation
Palestine and Israeli Occupation
AAMEL MOUNTAIN
RUINS and CAVES
GENERAL VIEW
VITAL RESOURCES

blood.gif

 الحروب الصليبية... الانطلاقة:           ألقى البابا أوربان الثاني خطبة مثيرة في مدينة كليرمونت الفرنسية في (26 من ذي القعدة 488هـ= 27 من نوفمبر 1095م)، دعا فيها إلى القيام بحملة إلى الشرق والاستيلاء على بيت المقدس من المسلمين، ووعد المتطوعين في الحملة بحياة أفضل في الدنيا، وبغفران الذنوب إن ماتوا في ساحة القتال. فاستجاب لهذه الدعوة جحافل من العامة والفلاحي والرعاع وقطاع الطرق واللصوص، وهي تمني نفسها بالحياة الناعمة والخير الوفير، متأثرة بالدعاة الذين جابوا أوروبا لإثارة حماس الناس، وحميتهم الدينية، وكان "بطرس الناسك" و"والتر المفلس" من أبرز هؤلاء الدعاة، وعرفت هذه الحملة في التاريخ بحملة الرعاع، وارتكبت أثناء سيرها كل الموبقات من سلب ونهب وقتل واعتداء على الأعراض، حتى وصلت إلى أبواب القسطنطينية، فسارع الإمبراطور البيزنطي إلى نقلهم عبر مضيق البوسفور إلى آسيا الصغرى، وتخلص من شرورهم، وقابل السلاجقة هذه الجحافل وأوقعوا بهم هزيمة قاسية
sleepia.jpg

الحملة الصليبية الأولى :وبعد الفشل الذي مُنيت به الحملات الشعبية الصليبية، بدأت التحضيرات للقيام بحملات صليبية منظمة يقودها الفرسان والأمراء، ومزوَّدة بالمؤن والسلاح والعتاد، وتألفت الحملة الصليبية الأولى من أربع جماعات، واحدة منها بقيادة "جودفري دي بويون"، والثانية بقيادة "بوهيموند" النورماندي، والثالثة بقيادة "ريموند دي تولوز"، والرابعة بقيادة "روبرت"النورماندي. ولما بلغت القوات الصليبيةالقسطنطينية، التقى قادتها بالإمبراطور البيزنطي وأقسموا له يمين الولاء. سقوط نيقية :بقيت القوات الصليبية مرابطة في العاصمة البيزنطية لمدة أسبوعين، ولم تلبث أن عبرت هذه القوات إلى آسيا الصغرى، حيث التحقت بهم بقايا الرعاع التي قادها بطرس الناسك، فاجتمع لهم عدد ضخم من الجند، وتوجه الجميع إلى مدينة نيقية، حاضرة الأمير السلجوقي "قلج أرسلان"، وضربوا حولها حصارًا شديدًا، فصمدت المدينة عشرين يومًا، في غياب قائدها عنها الذي كان يخوض صراعاً حاداً ضد الدانشمديين، في الوقت الذي كان عليه أن يجعل الدفاع عن هذه المدينة في سلَّم أولوياته، وأخيراً سقطت المدينة في (3 رجب 490هـ= 26 من يونيو 1097م)، وكان هذا أول انتصار للصليبيين في حملتهم الأولى.حقق الصليبيون بهذا النصر مكاسب هامة، وساهم في ازدياد حماس الصليبيين، ورفع من معنوياتهم، خاصة وأنه تزامن مع نصر آخر حققوه على السلاجقة في (ضورليوم)، وجعل أبواب آسيا الصغرى مشرعة أمام الجيوش الصليبية الغازية التي تابعت زحفها على بقية المدن والمواقع، حتى تمكنوا من إخضاع كل الأراضي التابعة للسلاجقة في آسيا الصغرى لسلطة الصليبيين.

الزحف إلى الشام :تابع الصليبيون زحفهم إلى بلاد الشام، التي كانت تعاني من التشرذم والانقسام وتعصف الخلافات بين أمرائها، ما جعلهم عاجزين عن المواجهة، وفي الطريق إلى أنطاكية، انفصل "بلدوين" أخو "جودفري" بقواته عن الجيش الصليـبي في (ربيع الآخر 491هـ= مارس 1098م)، واتجه إلى الرها التي كانت خاضعة آنذاك للأرمن، واستولى عليها، وأسس منها أول إمارة صليبية في الشرق، وبقي بلدوين في الرها، ولم يلتحق بالجيش الصليـبي الزاحف إلى القدس، مكتفياً بما حققه من انتصارات. أما الجيش الآخر، فقد تابع زحفه إلى أنطاكية، وفرض على المدينة حصاراً في (12 من ذي القعدة 490هـ= 21 من أكتوبر 1097م)، فتصدى له الأنطاكيون بزعامة ياغيسيان، ودافعوا عنها دفاعاً مستميتاً. وعلى الرغم من المناشدة التي أطلقها ياغسيان للحكام المسلمين لمساعدته في الدفاع عنها، وخاصة من قبل حاكمي دمشق(دقاق) وحلب(رضوان) السلجوقيين وغيرهما من أمراء المناطق، فإن هذه النجدات لم تجدِ نفعاً، بل ربما ساهمت في إحباط نفسيات المدافعين عنها، وذلك لسيادة روح الشك وعدم الطمأنينة بين هؤلاء الحكام، ما جعل الصليبيين يستفردون بأهالي أنطاكية، بعد وصول الإمدادات والمساعدات، وأحكموا عليها الحصار الذي استمر تسعة أشهر، وانتهى أخيراً بسقوطها في رجب 491هـ= يونيو 1098م بأيدي بوهيموند، وتأسيس الإمارة الصليبية الثانية في الشرق، وذلك بعد أن ارتكب الصليبيون مجزرة مروِّعة ذهب ضحيتها أكثر من عشرة آلاف.   على أبواب مدينة بيت المقدس :شكَّل سقوط أنطاكية نقلة نوعية في الصراع الدائر بين الصليبيين والمسلمين، وعزز من بوادر الأمل لديهم بالاستيلاء على بيت المقدس، وشد من عزيمتهم، فاستولوا على معظم المدن والقرى في الطريق إليها، وارتكبوا فيها مجازر وحشية، لأن هذه المواقع كانت تبدي مقاومة عنيفة للغزاة، ولكن هذا لم يمنع بعض الحكام المسلمين من الدخول في طاعة الصليبيين، مؤثرين السلامة، بل نزل بعضهم على شروط الصليبيين بتقديم العون والمساعدة لهم، وتوالى سقوط المدن الساحلية وغيرها في أيدي الصليبيين، حتى بلغوا أسوار بيت المقدس في (15 من رجب 492هـ= 7 من يونيو 1099م)، ومن المفيد الإشارة إلى أن بعض المدن قد صمدت لفترة طويلة في وجه الصليبيين، ولم يستطع هؤلاء إسقاطها، كطرابلس وصور، حتى بعد سقوط القدس، وذلك بالرغم من الإمكانيات المتواضعة التي كانت بين يدي حكام وأهالي هاتين المدينتين. كانت بيت المقدس في ذلك الوقت خاضعة للدولة الفاطمية، وكان عليها "افتخار الدولة" مع حامية المدينة، فاتخذ مجموعة من الخطوات لتعزيز صمودها في وجه الصليبيين، فسمم الآبار وقطع موارد المياه، وطرد جميع من في المدينة من المسيحيين لشعوره بخطورة وجودهم أثناء الهجوم الصليـبي، وتعاطفهم معهم، وقوَّى استحكامات المدينة. كانت قوات الصليبيين التي تحاصر المدينة المقدسة تقدر بأربعين ألفًا، وظلت ما يقرب نحو خمسة أيام قبل أن تشن هجومها المرتقب على أسوار المدينة الحصينة، وكان الجند في غاية الشوق والحماسة لإسقاط المدينة، فشنوا هجومًا كاسحًا في يوم الإثنين الموافق (20 رجب 492هـ= 12 من يونيو 1099م) انهارت على أثره التحصينات الخارجية لأسوار المدينة الشمالية، لكنَّ ثبات رجال الحامية الفاطمية وشجاعتهم أفشل الهجوم الضاري، وقتل الحماس المشتعل في نفوس الصليبيين، فتراجعت القوات الصليبية بعد ساعات من القتال. كان موقف الصليبين سيئاً، إذ كانوا يعانون العطش وقلة المؤن، ولكن وصول سفن حربية من جنوه إلى يافا قدمت المساعدة للصليبيين بالمؤن والإمدادات والأسلحة والمواد اللازمة لصناعة آلات وأبراج الحصار، رفعت من معنويات الصليبيين، وقوت عزائمهم وثبتت قلوبهم، وطمعوا في النصر، هذا في الوقت الذي كانت تغيب فيه عن ساحة الدعم أي إمكانية لتقديم مساعدة من جانب الحكام المسلمين، الذين تركوا المدينة تواجه مع تلك الحامية الصغيرة قدرها المحتوم، وإن أرسلت بعض الإمدادات والقوات، فإنها وصلت بعد فوات الأوان وسقوط المدينة.

اقتحام المدينة

تأهَّب الصليبيون لمهاجمةَّ أسوار المدينة بعد أن نجحوا في صناعة أبراج خشبية ومعها آلات دك الأسوار، وعجّل من الإسراع بالهجوم ما وصل إلى الصليبيين من أن الوزير الفاطمي الأفضل الجمالي في طريقه من مصر على رأس جيش ضخم لإنقاذ مدينة بيت المقدس. اختار الصليبيون أضعف الأماكن دفاعًا عن المدينة لمهاجمتها بأبراجهم الجديدة، ولم يكن هناك أضعف من الجزء الشرقي المحصور بين جبل صهيون إلى القطاع الشرقي من السور الشمالي، وكان منخفضًا يسهل ارتقاؤه، وحرك الصليبيون أبراجهم إلى السور الشمالي للمدينة. وفي مساء الأربعاء الموافق (21 من شعبان 492 هـ= 13 من يوليو 1099م) شن الصليبيون هجوما حاسماً، ونجح "افتخار الدولة" في حرق البرج الذي اقترب من السور الواقع عند باب صهيون، ولم يملك الصليبيون إزاء هذا الدفاع المستميت والخسائر التي منيوا بها سوى الانسحاب بعد يوم من القتال الشديد. لكن هذا الفشل لم يثن الصليبيين عن محاولات اقتحام المدينة، والاستيلاء عليها مهما كان الثمن، فشنوا هجومًا ضاريًا فجر يوم الجمعة الموافق (23 من شعبان 492هـ= 15 من يوليو 1099م)، واستمر القتال متكافئاً حتى تمكن البرج المتبقي لهم من الالتصاق بالسور، وإنزال الجسر المتحرك الذي يصل بين قمة البرج وأعلى السور، فعبر خلاله الجنود واستولوا على جزء من السور الشمالي للمدينة، ونجح عدد كبير من المهاجمين في الاندفاع إلى داخلها، وولت الحامية الفاطمية الأدبار نحو الحرم الشريف، حيث توجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى، واحتموا بهما، وبذلك سقطت المدينة في أيدي الصليبيين بعد حصار دام أكثر من أربعين يوماً. جرائم الصليبيين في بيت المقدس :وبعد أن دخل الصليبيون المدينة المقدسة، تملَّكهم روح البطش والرغبة في سفك دماء العزَّل الأبرياء، فانطلقوا في شوارع المدينة وإلى المنازل والمساجد يذبحون كل من صادفهم من الرجال والنساء والأطفال، واستمر ذلك طيلة اليوم الذي دخلوا فيه المدينة. وفي صباح اليوم التالي، استكمل الصليبيون مذابحهم، فقتلوا المسلمين الذين احتموا بحرم المسجد الأقصى، وكان أحد قادة الحملة قد أمَّنهم على حياتهم، فلم يراعوا عهده معهم، فذبحوهم وكانوا سبعين ألفًا، منهم جماعة كبيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبَّادهم وزهّادهم ممن فارقوا أوطانهم وأقاموا في هذا الموضع الشريف. ويعترف مؤرخوا الحملات الصليبية ببشاعة السلوك البربري الذي أقدم عليه الصليبيون، فذكر مؤرخ صليـبي ممن شهد هذه المذابح وهو "ريموند أوف أجيل"، أنه عندما توجه لزيارة ساحة المعبد غداة تلك المذبحة، لم يستطع أن يشق طريقه وسط أشلاء القتلى إلا بصعوبة بالغة، وأن دماء القتلى بلغت ركبتيه، وإلى مثل هذا القول أشار "وليم الصوري"، وهو الآخر من مؤرخي الحروب الصليبية. وكتبوا إلى البابا يفتخرون بما فعلوا دون وازع من خلق أو رادع من دين، فما لامهم ولا استنكر فعلتهم! ودمروا ما شاء لهم أن يدمروا ، ونهبوا الكثير، كما نهبوا بعض المعادن النفيسة التي كانت على المقدسات، ولا سيما قبة الصخرة.في غضون ذلك، وصلت سفارة مصرية إلى بيت المقدس، وطلبت من الصليبيين الرحيل من البلاد، وتقدم "الوزير الأفضل" نحو فلسطين، فوصل عسقلان في 4 آب، وخرج "جودفري " بجيشه من بيت المقدس لمواجهة جيوش المصريين في 9 آب 1099، واحتشد الجيش الصليـبي في سهل المجدل (شمالي عسقلان)، حيث كان يعسكر الوزير الأفضل الذي فوجىء بتلك الجموع وولى الأدبار إلى مصر بحراً، وبذلك أصبح احتلال الصليبيين لبيت المقدس مؤكداً، وما لبث أن استولوا على الجليل وطبريا وحيفا وقيسارية وغيرها. وعلى أثر ذلك، أصبح "جودفري دي بويون " هو الحاكم الذي منح لقب المدافع عن كنيسة القيامة، وراحوا يتطلعون إلى المزيد من الصليبيين الجدد من أوروبا، وأقاموا بطريركية رومانية، وصبغوا البلد بالصبغة الكاثوليكية. وفي 11 تشرين الثاني عام 1100 م أصبح "بلدوين الأول " على رأس مملكة الصليبيين في بيت المقدس ، وقد استمرت هذه المملكة 87 سنة، ولم يسمح للمسلمين ولا غيرهم بالإقامة داخل المدينة، وبدأوا العمل من أجل التخلص من الثقافة العربية في المنطقة وجعلها لاتينية، وساد نظام الإقطاع في الإدارة الذي كان سائداً في أوروبا، فكانت الأرض كلها ملكاً للفرسان.وفي سنة 1101م. أوكلت قيادة الصليبيين الى ريمون دي سان جيل (وهو ما يسميه العرب الصنجيلي) وأتجهت الحملة نحو جبيل وحاصرها واحتلها سنة 1102 ،وانتقل لأحتلال طرابلس فعصت عليه وكان يدافع عنها ابن عمّار ،فعمد الى احتلال جبيل في 23 نيسان سنة 1104 م. ثم عاد لأحتلال طرابلس ، هاجم عرقه واحتلها ،وبنى قلعة تشرف على طرابلس ، وهي لا تزال حتى اليوم وتعرف بقلعة الصنجيلي .وقد صمد فخر الملك بن عمّار ببسالة في وجه الصليبيين .وأخذ المسيحيون يمدون الصليبيين بالرجال من الجبال المجاورة .وراح الاسطول الجنوي يضرب المدينة من البحر ،وابن عمار يتلقى الدعم من دمشق وحمص.ولكن المجاعة دبت في المدينة بسبب الحصار فاضطر ابن عمار الى المغادرة الى بغدادطلبا"للعون . تولى امر المدينة أبو المناقب بن عمّار ،وصلت الى الصليبيين نجدة من السفن الفرنسية وشاركت السفن الجنوية في الضرب فسقطت طرابلس في26 من حزيران سنة 1109 م.التي استمرت بيد الصليبييين حتى العام 1289 م.في سنة 1110 م كان الاسطول المصري الفاطمي راسيا" في بيروت عندما هاجمها الاسطول الجنوي وسقطت بيد الصليبيين وقتل واليها مع كثير من سكانها .طوّق الصليبيون صور ،وراح الاسطول البندقي يقذفهامن البحر في 15 شباط سنة 1124 م.فخرج المسلمون وبقي النصارى وأعطي للبنادقة ثلث المدينة.      

 

لم تتوقف العمليات الحربية بسقوط القدس في أيدي الصليبيين، بل بقيت بلاد الشام مسرحاً لها، من دون أن يحرز المسلمون أي تقدم على هذا الصعيد، ولكن انحراف الصليبيين عن أهدافهم المعلنة، وارتفاع وتيرة الطمع بين أمراء الحملة الصليبية، فاقم الأوضاع بينهم، وجعلهم في موقع حرج، فضلاً عن حالة الاستكانة التي جاءت نتيجة استقرارهم في المناطق التي احتلوها. وفي المقابل، بدأ المسلمون يستفيقون من سباتهم، وأحسوا بالمخاطر الحقيقية الناجمة عن استيلاء الصليبيين على بلاد المسلمين، فوضعوا نصب أعينهم تحريرها مهما كلّف ذلك من ثمن، وقد بدأت أولى هذه المحاولات مع طغتكين حاكم دمشق والحاكم الفاطمي في صور في أعقاب تعرض صور لغزو صليـبي، وهذه البادرة وإن لم تحقق هدفها في إنقاذ صور من الإخضاع الصليـبي، إلاّ أنها بدأت ترسم معالم واضحة عمّا ستكون عليه المنطقة في المستقبل القريب، وذلك في ظل ارتفاع وتيرة المواجهة مع الصليبيين.وفي وقت كان فيه الصليبيون يجدون لبناء القلاع والحصون لتركيز اقدامهم في البلاد كان أمراء شرقيون مسلمون يسعون لاسترداد المناطق المحتلة ، ومنهم عماد الدين زنكي أمير الموصل، الذي قدم الى سوريا واسس الدولة النورية .وقد استولى سنة 1128 م على حلب ، وبعد سنة استولى على حماه وحمص وبعلبك .ووزع اولاده حكاما"على هذه المدن . ثم تزوّج (الخاتون صفوة الملك)والدة صاحب دمشق شمس الدين ،وحفيد طغتكين . وكان شمس الملوك قد راسل الصليبيون لتسليمهم دمشق فاجتمع أمراء العرب وخلعوه ، وسلموا والدته صفوة الملك صفوة حكم المدينة .استنجدت بامير الموصل  عماد الدين زنكي فلّبي طلبها وساعدها في صّد هجمات الصليبيين . ثم احتل الرها، قبل ان يقتل على يد احد المماليك . وتولّي مكانه ابنه نور الدين زنكي سنة 1146 م فاستولى على دمشق التي كان يتولاها الاسماعليون ،ويفاوضون الصليبييين على الصلح .فكتبوا الى الدول الاوروبيه طالبين النجدة للوقوف بوجه زعيم الدولة النورية الذي يحاول استرجاع هذه البلاد منهم .ولبّى الفرنج الطلب ،وقامت الحملة الصليبية الثانية .عد أصدار البابا أوجين الثالث نداء" مستعجلا" وكلف القديس برنار التبشير بها ،والتحضير لها .

sleepia3.jpg

الحملية الصليبية الثانية

الصمود والبقاء وعدم الانهيار.وأسفرت تلك الجهود عن تبني فكرة "الحملة الصليبية الثانية"، وقد تألفت تلك الحملة من جيوش على رأس أحدهما "لويس السابع" ملك "فرنسا"، ويقود الآخر "كونراد الثالث" إمبراطور "ألمانيا"،وهنري دوق ومن ثم تضافرت الجهود في أوروبا من أجل مساندة الوجود الصليـبي في الشرق، ودعمه ومساعدته على النمسا ، وملك بولونيا بولسلاس الرابع ،وملك بوهيميا لاديسلاف.وعلى هذا الاساس سميت (حملة الملوك ). وقد عرض عليهما "روجر الثاني" ملك "صقلية" أن يقدم لهما المساعدة للوصول إلى الشرق عن طريق البحر، ولكنهما رفضا هذا العرض بسبب العداء بين "النورمان" في "صقلية" من ناحية، و"فرنسا" و"ألمانيا" من جهة أخرى، ولذلك فقد تقرر أن تسير الحملة براً إلى بلاد الشام، وتم الاتفاق على أن يأتي "كونراد" وجيشه أولاً إلى الشرق، ثم يلحق بهم "لويس" والفرنسيون إلى "القسطنطينية" حتى لا يؤدي مسير الجيشين معًا إلى صعوبة في التموين.ووصل جيش الصليبيين بقيادة "كونراد الثالث" إلى حدود "الدولة البيزنطية" في صيف (542هـ=1147م)، فأعلن الإمبراطور البيزنطي "مانويل كومنين" عن استعداده للسماح للصليبيين بالمرور من أراضيه، وإمدادهم بالمؤن؛ بشرط أن يتعهدوا بالولاء له، وتسليمه كل ما يستولون عليه من البلاد في آسيا، ولكن كونراد رفض هذه الشروط، وساءت العلاقات بين الصليبيين والبيزنطيين، فأسرع الإمبراطور البيزنطي إلى عقد الصلح مع السلطان "مسعود" سلطان السلاجقة.

هزيمة "كونراد الثالث" أمام السلاجقة:لم يبق أمام كونراد الثالث إلاّ أن يتابع سيره إلى آسيا الصغرى، فعبر البوسفور على رأس قواته، وزحف بها نحو الشرق، وبدلاً من أن يسلك طريق الشاطئ الجنوبي لآسيا الصغرى محتمياًَ بالقلاع والمدن البيزنطية المنتشرة على الشاطئ، اختار "كونراد" أن يخترق أراضي السلاجقة، معرِّضاً بذلك قواته لخطر داهم. وما فاقم من الأوضاع تخلي الدليل البيزنطي عنه على إثر نزاع حصل بينه وبينهم، وسمح للسلاجقة بالانقضاض عليهم وقتل عدد كبير منهم، وأسر آخرين، وهو ما اضطر كونراد إلى التراجع بمن بقي من فلول جيشه المُمزَّق، حتى وصل إلى "نيقية".

لويس السابع يقود الحملة:أما "لويس السابع" ـ ملك فرنسا ـ فإنه عندما وصل إلى أسوار "القسطنطينية، كان قد بلغه نبأ الصلح الذي عقده الإمبراطور البيزنطي مع سلطان السلاجقة، ما اضطره إلى قبول العرض الذي قدمه إليه مانويل، ويقضي بأن يقسم له جميع الفرنسيين المشتركين في الحملة يمين الولاء والتبعية عما يحتلونه من أراض آسيوية، مقابل إمداده بالتموين اللازم للحملة. وسار لويس بجنوده حتى وصل نيقية؛ وهناك التقى بفلول جيش كونراد الثالث، وتفادياً للوقوع في الخطر الذي لحق بكونراد، آثر أن يسلك الطريق الجنوبي المحاذي لساحل البحر المتوسط، وسار معه "كونراد" وجنوده، إلا أن هذا الأخير أحس بحرج موقفه بعد أن فقد معظم جيشه أمام السلاجقة، فآثر العودة مع جنوده إلى القسطنطينية، وما لبث أن اتجه وجنوده إلى فلسطين على بعض السفن البيزنطية.واستمر "لويس" في تقدمه حتى وصل إلى "أنطاليا" ـ إحدى المدن البيزنطية الحصينة على الشاطئ الجنوبي لآسيا الصغرى ـ وأراد لويس العبور إلى الشام بحرًا؛ تلافياً لتعريض قواته لخطر السلاجقة إذا ما سلك طريق البر، ولكن البيزنطيين امتنعوا عن تقديم السفن اللازمة لهم، ما اضطر "لويس السابع" إلى نقل جنوده على دفعات إلى الشام بالسفن القليلة المتاحة.

أمام أبواب أنطاكية:وصل "لويس السابع" إلى"أنطاكية"، حيث استُقبل استقبالاً عظيمًا من الأمراء الصليبيين في "الشام"، ولكن سرعان ما بدأت بوادر الشقاق تلوح بين هؤلاء الأمراء، حتى فقدت تلك الحملة الهدف الأساسي الذي جاءت من أجله، وسعى كل واحد منهم إلى توجيه الحملة لخدمة مصالحه الخاصة وأهوائه الشخصية.أراد "ريموند دي بواتيه" أمير "أنطاكية" وعم الملكة (إليانور) زوجة لويس السابع ـ أن تتوجه الحملة للقضاء على قوة الزنكيين في حلب، بينما أراد "ريموند" أمير "طرابلس" استرداد قلعة "بعرين" من المسلمين. أما جوسلين الثاني" أمير "الرها"، فقد أراد استرداد إمارته التي استولى عليها "عماد الدين"، لاعتقاده أن سقوط "الرها" إنما كان هو المحرك الأول لتلك الحملة. وأراد لويس ورجاله الاتجاه إلى بيت المقدس، وقد برر ذلك بأنه إنما قبل أن يحمل الصليب، ويأتي إلى الأراضي المقدسة للحج وزيارة بيت المقدس والدفاع عن تلك المدينة، لا لغزو حلب!!.

الصليبيون على أبواب دمشق:تابع "لويس السابع" سيره إلى "بيت المقدس"، وهناك استقبل استقبالاً حافلاً، ولكن وللمرة الثانية انحرفت الحملة الصليبية الثانية عن أهدافها، عندما تم عقد مجلس صليـبي كبير، ضم "لويس السابع" و"كونراد الثالث" ـ الذي سبقه إلى "بيت المقدس" ـ والملك "بلدوين الثالث"، وأمراء مملكة "بيت المقدس"، وعدداً كبيراً من كبار رجال الدين والأمراء الصليبيين، حيث اتفق الجميع على مهاجمة "معين الدين أُنر" حاكم "دمشق" الفعلي، الذي كان حليفاً للصليبيين، ولكن نور الدين زنكي حاكم حلب استطاع استمالته إليه. وبالفعل، جهَّز الصليبيون جيشاً لهذه الغاية وزحفوا إلى دمشق (ربيع الأول 542 هـ= حزيران 1148م) فحاصروها، ولكن أهالي دمشق تصدوا لهم بقوة بمشاركة الزهاد والفقهاء في القتال، الذين كان لهم دور كبير في إذكاء شعلة الصمود والتصدي، وبدأت قوات "معين الدين أنر" تتزايد، وتدفقت النجدات إلى "دمشق" من الأبواب الشمالية، وهو ما جعل الصليبيين يتحولون من الهجوم إلى الدفاع.والذي زاد من حراجة الموقف الصليـبي هو تلك الشقاقات والخلافات التي وقعت بينهم حول تبعية "دمشق" ومصيرها، وأحقية كل فريق منهم في ضمها إليه في حالة سقوطها والاستيلاء عليها.

فشل الحملة وانسحاب الصليبيين:وفي ذلك الوقت، علم "أُنر" بخروج الأميرين الزنكيين "سيف الدين غازي" أتابك "الموصل" و"نور الدين محمود" أتابك "حلب" لنجدته، فأرسل إلى الصليبيين يهددهم وينذرهم بالخطر الذي سيحيق بهم إذا لم يتركوا "دمشق"، ويعرض عليهم ـ في الوقت نفسه ـ إعطاءهم حصن "بانياس" مقابل الجلاء عن "دمشق".ولم يكن أمام الصليبيين خيار أمام هذا العرض المغري الذي يضمن لهم السلامة بعد أن أحاط بهم الهلاك والردى في كل مكان.ورجع الصليبيون بعد أربعة أيام من حصار "دمشق" يجرون أذيال الهزيمة والفشل، بعد أن عجزوا عن تحقيق أي هدف من وراء تلك الحملة التي حشدت لها أوروبا رجالها وإمكاناتها، فلم تجنِ من ورائها إلا المزيد من الهزائم والمزيد من القتلى والدماء، وضاعت هيبة الصليبيين في "الشام"، وانحطت مكانتهم وضعف سلطانهم.وكان فشل هذه الحملة هو نقطة التحول نحو انهزام الصليبيين وزوال وجودهم من العالم الإسلامي، وأصبح المسلمون على قدر كبير من الثقة بأنفسهم، خاصة بعد الانتصارات التي حققها "عماد الدين"، ومن بعده ابنه "نور الدين" على الصليبيين، وارتفاع راية الجهاد ضد الصليبيين، ما أوجد نوعاً من الوحدة والتآزر بين المسلمين، وقد جمعهم لواء الدين ورابطة الإسلام التي تتضاءل أمامها كل العصبيات والقوميات.

بروز صلاح الدين الأيوبي : لتأمين الدعم الازم من الفاطميين .أرسل نور الدين زنكي قائد جيشه أسد الدين شيراكوه الى مصر لدعم الفاطميين ضد هجمات الصليبيين وبغية وضع القدس بين قوتين ،من الشمال و الجنوب . وأصطحب شيراكوه ابن اخية صلاح الدين وكلاهما من أسرة أيوب الكردية ،ومن مدينة تكريت الفراتية . وبوصولهم الى مصر رأيا الدولة الفاطمية تعيش القلاقل ،وتفتقر الى الحكم القوي ،فطلب من شيركوه أن يكون وزيرا" في البلاط الفاطمى، توفي بعد شهرين من تولية ، فتسلّم صلاح الدين منصبه تلبية لرغبة الخليفة الفاطمي العاضد .وفيما كان السلطان العاضد على فراش الموت استولى صلاح الدين على الحكم ،وكان يطمح اليه منذ قدومه الى مصر بغية تحويله للطائفة السنية ،باعتبار أن الفاطميين كانوا من الشيعة. بعد ثلاث سنوات توفي نور الدين زنكي حاكم البلاد الشامية ،فتولّى ابنه اسماعيل الحكم وهو في 11 من عمره، فلم يجد صلاح الدين صعوبة في انتزاع الحكم منه والتربع على عرش مملكة تمتد من الفرات شرقا" الى المغرب غربا".وهكذا انتهت الخلافة الفاطمية التى تبعت منذ سنة 1171 الى الخلافة العباسية.دخل صلاح الدين دمشق في 28 تشرين الأول سنة 1174 م.ثم سلمها الى اخيه سيف الاسلام طغتكين بن أيوب .وتقدم نحو حمص وحماه واحتلهما . وحاصر حلب ،ثم تراجع الى بعلبك وسيطر عليها ،وعاد لاحتلال حلب فدخلها في 11 حزيران عام 1176 م.ورجع الى مصر فأمر ببناء سور القاهرة الشهير ، وقلعتها .اشتبك الصليبييون في معارك عدة طاحنة مع سيف الدين عند بحيرة طبريا عام 1182 م.وسارع صلاح الدين لنجدة اخية ، وهاجم بيروت برا" وبحرا" ولكنه عجز عن السيطرة عليها، ثم انتقل الى الرها، سيطرة عليها.وتسلّم حلب ،وعاد الى دمشق واستنفر كل طاقته ووضعها في معركة فاصلة بمواجهة الصليبيين .

معركة حطين : وما أن عبر صلاح الدين بجيشه الى الاردن ختى تصدّى له الصليبييون في سهل حطين . وبحلركة بارعة التفّ صلاح الدين بجيشه حول الصليبيين وأضرم من حولهم النار ، وحاصرهم من جميع الجهات .وهبت الرياح ،وحملت النار باتجاه الجيش الصليبي ،فدّب الذعر في صفوفه ، وكان الحر شديدا" والسير الطويل قد أنهك الجيش الصليبي الذين يحملون السلاح الثـقيل .فأحاط بهم جيش صلاح الدين بسلاحهم الخفيف وأمطروهم بالنبال ولم يسلم من العشرين الفا" الا القليل ،ووقع الكثيرون في الأسر،وعلى رأسهم ملك القدس غي دي لوسينيان وذلك في الرابع من تموز سنة 1187م.كانت معركة حطين نذيرا"بمصير مملكة القدس .فبعد حصار دام أسبوعا" واحدا"، استسلمت المدينة في الثاني من تشرين الأول سنة 1187 م.

بعد السيطرة على القدس تابع زحفه شمالا" للسيطرة على الساحل اللبناني .حاصر صور وتابع زحفه الى بيروت سيطر عليها في 6آب عام 1187 م.ثم انتقل الى جبيل ،وكان أميرها هوج في عداد اسراه ،فاشترط لاطلاقة تسليم المدينة فتّم له ذلك .ثم تابع زحفه استولى على البترون في 29 جمادي الاول عام 583 هـ.ثم سيطر على طرطوس بعد ان حاصر طرابلس ثم سيطر على اللا ذقية ،وعاد باتجاه الجنوب اللبناني سيطر صلاح الدين على اثرها على قلعة "تبنين" وصيدا والمناطق المحيطة بصور. كما هزم الصليبيين في معركة "تل القاضي" في مرجعيون فى عام 1189 م.

  الحملة الصليبية الثالثة :اول من قاد هذه الحمله هو غليوم الثانىي ملك صقلية الذي ارسل أسطولا" الى طرابلس ،ولكنه مات قبل وصول الحملة الى لبنان .كما حاول البابا غريغوريوس الثامن تأليف الحملة ومات قبل انشائها .ولما تولّى البابا كليمانت الثالث الكرسي الرسولى أخذ يستنهض الهمم ،فقام ملك فرنسا فيليب أوغست ،وامبراطور المانيا بربروسا الاول ،وألفا حملة صليبية تقدمها بربروسا وهاجم أدرنه في 11 أيار 1189 م.وكان ملك القسطنطينية اسحق لانج قد عقد معاهدات مع صلاح الدين فتوجه بربروسا اليه لاسقاطه.الا ان الملك المذكور هبّ لاستقباله.ثم دخل قونيه عاصمة السلاجقة ،وعقد معاهدة صلح مع سلطانها قلج ارسلان .ثم انتقل الى قيليقيا حيث سقط عن جواده في 10 حزيران عام 1190 م.واستلم مكانه ابنه ،وفشل فى ضبط الأمور فتفرقت الحملة وأبحر الى عكا.وفي 20 نيسان 1190 م .وصل ملك فرنسا فيليب الى عكا ،ووصل بعده ملك الانكليز ريكاردوس قلب الأسد في 7 حزيران .وتقدم صلاح الدين من جهة الشرق لفك الحصار ،ولكن كونرادملك القدس اللاتينية تمكن من دخولها ،ونشبت الخلافات الصليبية داخل اسوار عكا .ونصّب كونراد دي مونتفرات ملكا" على مملكة القدس اللاتينية،ولكنه مات قتلا" في شوارع صور في 28 ثيسان عام 1192 م. وعين هنري دي شامبانيا خلفا"له .واحتل ريكاردوس يافا ، لكن صلاح الدين استطاع استرجاعها .ووقعت معاهدة لمدة 3 في 2 أيلول سنة 1192 ،وهي تنص على ان يكون الساحل من مدينة صور جنوبا" تابعا"للافرنج ،والاخل بايدي المسلمين ،وان يسمح للمسلمين بدخول القدس من دون دفع ضرائب .رحل ريكاردوس، ثم مرض صلاح الدين وأصيب بالحمى الصفراء في دمشق ومات عام 1193م.وفي الوقت الذي نام فيه الصليبيون والمسلمون على حرير المعاهدات ،قام جنود من الخوارزميين الايرانيين بالأستيلاء على ايران والعراق بقيادة جمال الدين منكبرتي ،وقد فتحوا دمشق وحل بها وبهم الطاعون فتفرقوا بين حلب وبلاد التتر وانتهى أمرهم.وبعد ما دّب الضعف بالدولة الأيوبية على أثر موت صلاح الدين ،واستلام خلفائه،وانشغالهم بالصراعات على الحكم ،اغتنم الصليبيون الفرصة،واحتلوا بيروت سنة 1197م،وجبيل سنة 1198،ويافا والناصره سنة 1204موصيدا وصفد سنة 1240، وطبريا سنة1244.             

 الحملة الصليبية الرابعة : قاد الحملة تيبوا الثالث كونت شمبانيا ،وبودوان دي فلاندر،ولويس دي بلوا، وقرروا الاستيلاء على مصر أولا".ولكن كونت شمبانيا مات وخلفه كونراد ملك القدس سنة 1201م.احتلوا القسطنطينية سنة 1204 هرب ملكها مرزوفيل بينما راحوا ينهبونها .                

الحملة الصليبية الخامسة:تابع البابا اينوسنت الثالث الدعوة لقيام حملة جديدة ،وعقد مجمع لاتران عام 1215ممن اجل ذلك.تألفت حملة بقيادة ملك المجر اندره الثاني الذي زحف الى عكا ،ودوق النمسا ليوبولد الثالث ،وملك قبرص هوج الأول دي لوزينيان(هوج دي مونستر فيما بعد)،وأمير انطاكية وطرابلس بوهمند الرابع .واتجه هؤلاء القادة بحرا"،ووصلوا الى مصر حيث انضمت اليهم في دمياط مجموعة أخرى اتجهت من عكا في 27 أيار عام 1218م.وهاجمهم الملك الكامل ،ابن الملك العادل،وعرض عليهم عندما عجز عن صدّهم ترك دمياط وأخذ القدس .فرفضوا وسقطت دمياط سنة 1219م.ثم حاصر الصليبيون مدينة المنصورة ،ولكن الأيوبيين أغرقوا سهلها بمياه السدود التي حاصرت الصليبيين ،فاضطروا لطلب الصلح واعادة دمياط لقاء الاعفاء عن أرواحهم .وسميت هذة المعاهدة (استسلام برمون ).

الحملة الصليبية السادسة:دعا البابا هونوريوس الثالث قيام حملة ،وعرض على فردريك الثاني امبراطور المانيا الزواج من ابنة ملك القدس دي بريان،وقيادة الحملة السادسة .والسبب انة كان يريد ان يرتاح من مطامع فريدريك في الأملاك البابوية في ايطاليا وفي الهيمنة على الكرسي الرسولي .وان يعيد سيطرة الفرنجة على المناطق الشرقية .عرض الملك الكامل عليه أن ياخذ القدس لقاء مساعدته على اخيه الملك المعظّم ،فقبل الاخير العرض ووضع يدة على القدس ،وعاد الى بلاده.بعدها جائت حملة انجليزية بقيادة ريشار دي كورنواي،شقيق ملك الانجليز ،وصهر فريدريك الثاني سنة 1240م.وعادت الحملة بعد عقد معاهدة في أيار سنة 1241م.

 

sleepia2.jpg

magool.jpg

الحملة الصليبية السابعة: دعا اليها البابا اينوسنت الرابع سنة1245.وتبنى الدعوة لويس التاسع (الملك القديس)ملك فرنسا ،واخوانه، وامراؤه. وانضم اليه أمراء قبرص.لكن الاتفاق فيما بينهما فشل بعدما استمرت المفاوضات لمدة سنتين .دخل الصليبيون دمياط ،ففر منها امراؤها الذين شنقهم الصالح ايوب ملك مصر ،لعدم مقاومتهم الخول الصليبي .ثم توجه لويس الى القاهرة وفشل في احتلالها. وفي هذة الاثناء وصل نور نشاه ابن الملك العادل ،فسلمته زوجة ابيه(شجرة الدر) الحكم .وبعد معارك عدة اعتقل الملك لويس وتم التوقيع على الاتفاقيةفي 6 نيسان سنة 1250م.وفي الوقت الذي كان الصليبيون منشغلين بحروبهم الداخلية والمسلمون يتصارعون لأستلام الحكم في مصر ،هاجم هولاكو المغولي بغداد في 4 شباط سنة 1258م، ودخل بغداد بعد ان أباح مدينة بغداد لجيشه مدة أربعين يوما"يعبت فيها خرابا" ونهبا"وتدميرا"واحراقا".وهكذا قضى هولاكو على العباسيين بعدما استمرت في حكم الشرق مدة 524 سنة.وبقيت المنطقة بدون خليفة حتى بويع في مصر أحمد بن الامام الظاهر بالله العباسي،ولكنه ما لبث ان قتل في طريقه لمحاربة المغول عند بغداد وخلفه الحاكم بأمر الله العباسي .ثم تسلم الحكم الفعلي في مصر أحد أمراء المماليك (الظاهر بيبرس).تابع المغول زحفهم فهاجموا دمشق ،واحتلوا قلعتها ،واحتلوا بعلبك وقلعتها ،ومنها انتقلوا الى نابلس ،وعجلون ،وبصرى،وقتلوا السلطان الايوبي ناصر يوسف بن محمد .ثم دخلوا صيدا ،وأخذوها من الصليبيين .ووصلوا الى الخليل ،وعادوا بالأسرى الى دمشق.حينها قاد المسلمين الملك المظفر قطز والتقي بجيش المغول في عين جالوت سنة 1260 م،كان النصر الكبير الذي حققة مدويا" في بلاد الشام كلها .في العام 1281م.تعرضت بلاد الشام لهجوم من نيكاتور ابن هولاكو،تصدى له سلطان المماليك  قلاوون قرب حمص فكسره،وانهزم جيش المغول.استقلّ بيبرس بحكم مصر ،اتجة نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط دخل سوريا ،ثم استولي على بلاد عكار ،وعبر القليعات وعرقة وحلب.وبعدما توغّل شمالا" في قيليقية وأدنه وأرمينيا،ارتدّ الى صيدا وصور وصفد،وعقد صلحا"مع أمير بيروت .ثم احتل شقيف ارنون سنة 1268،وتوجّه منها الى انطاكية فاحتلّها،واحتل صافيتا ،وحصن الاكراد في 8 نيسان سنة 1271 م.

الحملة الصليبيةالثامنة : بعد استعادة بيبرس لمعظم المستعمرات الصليبية في الشرق تألفت حملة ثامنة بقيادة ملك الأراغون جايمس الأول الذي أبحر من برشلونة،فقذفته العواصف البخرية الى شواطئ اسبانيا ،وعاد ادراجه الى بلاده تاركا" قيادة الحملة لولديه غير الشرعيين فرناندو وسانشيز، وصلا الى عكا وتوجه الملك لويس التاسع الى قرطاجة التونسية ليحتل مصر قاعدة المماليك .وبعد معارك شديدة عقدت هدنة لمدة عشر سنوات بينهم وبين بيبرس .وفي سنة 1271م،مات بيبرس فخلفه قلاوون .  ومن اهم الانتصارات التي قم بها قلاوون :1-الأستيلاء على طرابلس بعد حصار كبير سنة 1289م. 2- الأستيلاء على عكا سنة 1291م.وبعد ان سقطت عكا انهار الصليبيون في كل مكان. 3-الأستيلاء على صور وهروب أميرها آدم دي كفران في 19 أيار سنة 1291م.  4-الأستيلاء على  بيروت في 21تموز وحيفا في 30تموز وحصن عتليت وطرطوس آخر المعاقل الصليبية وفي صيف 1291م.اكتمل الاندحار الصليبي عن الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط.  تكررت المحاولات الصليبية للعودة الى الشرق فحاول غازان ملك ارمينيا وهنري الثاني ملك قبرص توجية حملة في العام 1299م نزلت في البترون .واستطاع غازان الانتصار على المماليك قرب حلب واحتلال دمشق ولكن المماليك سارعوا اليهم وقتلوا قادتهم .وفي تموز سنة 1300 حاول القبارصة بقيادة بيكيني مهاجمة مدينة الرشيد المصرية واحتلالها . قوي العنصرالتركي في أوخر دولة المماليك وظهر بينهم رجل يدعى عثمان ،عمل على توحيدهم وجعلوا مدينة بورصه عاصمة لهم عام 1345 م.(وقد توصل عثمان والبيك الصغير عند السلاجقة الحاكمين الى تأسيس دولة حكمت الشرق أربعة قرون 1516-1918 )  .وفي10 تشرين الثاني سنة 1365م،هاجم بطرس الاول دي لوزينيان ملك قبرص الاسكندرية ونهبها لمدة ثلاث ايام .وفيتشرين الاول  العام 1367م وجة ملك قبرص عدة حملات فاشلة الى لبنان .وفي العام 1403م شن القبارصة هجمات جديدة على طرابلس وبيروت .وردا" على الهجمات الصليبية هاجم السلطان برسباي هذه الجزيرة عن طريق طرابلس بقيادة نواب مصر وسوريا واستولوا على مرفأ ليماسول سنة 1425م.وبعد عام دخل تنغر محمود قبرص وعاد الى مصر يحمل 3600 اسير وبنهم الملك .ثم سقطت ارواد في عهد أميرها يعقوب الانطوسي .  قاد تيمور لنك سنة 1400م جيش المغول استباح حلب 3 أيام ومن بعدها حمص وحماه ،وبعلبك ومن ثم الى صيدا وبيروت ولما وصل تيمورلنك الى دمشق ومن بعد ان داهم الجراد المنطقة وحصلت مجاعة عاد من حيث اتى .

osman2.jpg

osman1.jpg

osman.jpg

mo.jpg

دولة الخلافة العثمانية :أصل العثمانيين :يقول المؤرخون : إن الدولة العثمانية كانت أكبر وأبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون اللغة التركية في العهود الإسلامية. وهي إلى جانب ذلك أكبر دولة قامت في قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة. لقد كان مركزها الأصلي آسيا الصغري" في أقصي الركن الشمالي الغربي من العالم الإسلامي، يعتقد الكثيرون أن أصلهم من أواسط آسيا، وقد هاجروا في جماعات نحو الغرب، حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من منطقة بحر قزوين والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس .
وفي أيام الدولة الأموية، تمكنت الجيوش الإسلامية من الوصول إلى منطقة سكناهم، إلا أنهم لم يعتنقوا الإسلام جديّا إلا في أوائل العصر العباسي. وقد قربهم الخليفة المعتصم  حين أراد أن يقضي علىسيطرة الفرس الذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبيرفي الدولة العباسية وبخاصة في عهد المأمون.وفي أواخر القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي جاءت موجة أخري من الأتراك (المعروفين بالسلاجقة) وعلي رأسهم "طغرل بك"، وقضوا علي نفوذ البويهيين في بغداد، وتقدموا حتى هددواالقسطنطينية، فتكتل المسيحيون في أوربا، وكان ذلك بسبب هزيمتهم أمام السلاجقة في ملاذكرد،في حوالي سنة 622هـ/1224م كانت جيوش التتار بقيادة جنكيز خان تتقدم إلي الغرب في اتجاه الدولة العباسية.
ومن بين الذين فروا أمام الزحف التتري مجموعة من الترك كانت تسكن منطقة "خُوارزم"، فتحركوا غربًا حتي وصلوا إلي آسيا الصغري بالقرب من دولة "سلاجقة الروم" سنة 1250م تقريبًا. وهناك اتصل قائدهم أرطغرل بالسلطان علاء الدين زعيم دولة سلاجقة الروم (وهم فرع آخر من نفس الجنس التركي)، فوافق علاء الدين علي وجودهم، ومنحهم منطقة حول أنقرة ليستقروا فيها علي الحدود بين دولته ودولة البيزنطيين. فلما وصلت جيوش المغول إلى "دولة السلاجقة" وقف أرطغرل إلي جانب "علاء الدين"، حيث تمكنا من هزيمة المغول وإنقاذ دولة السلاجقة.بعد وفاة "أرطغرل" سنة 688هـ/1288م، عُيّن ابنه "عثمان" خلفًا له، فكان قويّا محبوبًا بين أهله، ذا مكانة في بلاط السلطان علاء الدين؛ مما أثار حسد وزرائه.فلما مات علاء الدين كثرت المؤامرات، وضعفت الدولة، فاغتنم عثمان الفرصة، واستقل عن السلاجقة، وأخذ يضيف بعض أجزاء دولتهم إلى سلطانه، وهكذا تأسست الدولة العثمانية، وكان ذلك في سنة 700 هـ/1300م.ولذا فقد نسبت تلك المجموعة من الأتراك إلى "عثمان" فسموا الأتراك العثمانيين.كان الطريق مفتوحًا أمام هذه الدولة الناشئة ؛ فلم يكن هناك ما يقف في طريق توسعها؛ حيث إن الإمبراطورية البيزنطية خرجت بعد الحروب الصليبية وهي أسوأ حالا مما كانت عليه من قبل.ويذكر المؤرخون أَنَّ حملة من الحملات الصليبية قد احتلت القسطنطينية نفسها سنة 602هـ/1204م ، ولم تتخلص عاصمة البيزنطيين منهم إلا بعد أكثر من ستين عامًا، فلما شرع عثمان في التقدم نحو الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية وجد الطريق مفتوحًا أمامه.وقد واصل ابنه "أورخان" هذه الفتوحات حتى بلغ "نيقية" وخضعت له آسيا الصغرى (تركيا)، كما تمكن من عبور "الدردنيل"، والوصول إلى "مقدونيا" غير أنه لم يتقدم نحو أوربا.وكان لابد أن يتفرغ بعد هذا لتنظيم دولته، فأنشأ جيشًا نظاميّا عُرف بالانكشارية (أى الجنود الجدد) .وكان هذا الجيش مكونًا من أبناء البلاد المفتوحة.السلطان مراد الأول: ابن أورخان ،وقد عبرت جيوشه الدردنيل (كما فعل والده من قبل)، واحتل مدينة "أدرنة"، وجعلها عاصمته سنة 765هـ/1362م بدلا من العاصمة القديمة بروسّة، وبذلك يكون قد نقل مقر قيادته إلى أوربا .شملت فتوحات "مراد": مقدونيا، وبلغاريا، وجزءًا من اليونان والصرب، كما هدد القسطنطينية، وأجبر إمبراطورها على دفع الجزية.، قتل مراد في ميدان القتال سنة 793هـ/1389م، في الوقت الذي كانت فيه جيوش المسلمين تحتل صوفيا عاصمة بلغاريا.السلطان بايزيد: خلفه ابنه بايزيد  وقد أتم فتح اليونان. أما الدولة البيزنطية فقد جردها من كل ممتلكاتها ماعدا القسطنطينية وحدها.قام البابوات في روما ينادون بالجهاد ضد المسلمين كما فعلوا سنة 489هـ/1095م، وتجمعت فرق المتطوعين من فرنسا وألمانيا وبولندا وغيرها وقادهم سِجِسْمُنْد المجري.وفي سنة 799هـ/1396م اشتبك معهم بايزيد في معركة "نيقوبولس" وهزمهم، فدقَّت أجراس الكنائس في جميع أوربا حدادًا على تلك الكارثة، وانتابها الذعر والقلق.أما القسطنطينية فقد أوشكت على السقوط أمام جيوش بايزيد في هذه اللحظات التاريخية يتعرض جنوب الدولة العثمانية إلى هجمات التتار، وكانت هذه هي الموجة الثانية (بعد تلك التي قام بها هولاكو) جاء على رأسها تيمورلنك، فغزا بلاد فارس والعراق وأجزاء من سوريا، ثم اتجه شمالا نحو الدولة العثمانية.ولما شعر بايزيد بذلك الخطر أوقف تقدمه في أوربا كما رفع الحصار عن القسطنطينية، واتجه جنوبًا لملاقاة العدو.وفي سنة 805هـ/1402م تقابل بايزيد مع تيمورلنك بالقرب من أنقرة، ودارت الحرب بينهما زمنًا طويلا كان النصر فيها حليفًا لقوات التتر! ووقع "بايزيد" في أسر عدوه تيمورلنك الذي عذبه عذابًا شديدًا. ويقال: إنه سجنه في قفص، وطاف به أجزاء مختلفة من الدولة حتى مات من شدة التعذيب.مرت على الدولة العثمانية فترتان بين إنشائها واستيلائها على القسطنطينية.كانت الفترة الأولى واقعة بين استقلال عثمان بالدولة سنة 700هـ/1300م وبين هزيمة "بايزيد" في موقعة أنقرة سنة 805هـ/1402م.أما الفترة الثانية، فتبدأ من إعادة إنشاء الدولة سنة 8القسطنطينية سنة 858هـ/1453م.."السلطان محمد" :ركز كل همه في توطيد سلطانه في الداخل، وكان له ما أراد.فلما توفي "محمد" وخلفه ابنه "مراد الثاني" سنة 825هـ/1421م، كانت حالة الدولة العثمانية تمكنها من اتخاذ بعض الخطوات الهجوميةفلقد استردّ "مراد الثاني" ما أخذه السلاجقة من أراضي العثمانيين، واستعاد العثمانيون ثقتهم وقوتهم في عهد مراد الثاني، فاتجهوا إلى أوربا.ولكن أوربا لم تنسَ هزيمتها في "نيقوبولس" ، فراحت تكون جيشًا كبيرًا من المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين، وهاجمت الدولة العثمانية في البلقان.وفي البدء تمكنوا  من إحراز عدة انتصارات على جيوش مراد، إلا أن السلطان "مرادًا" جمع قواته، وأعاد إعدادها وتشكيلها حتى التقى معهم سنة 849هـ/1444م، فأوقع بهم الهزيمة، وعلى رأسهم ملك المجر "فلادسلاق" وصدهم حتى نهر الدانوب.لما توفي "مراد الثاني" في "أدرنة" سنة 856هـ/ 1451ترك لابنةمحمد الثاني المعروف "بالفاتح" دولة قوية الأركان.كان أول هدف لمحمد الفاتح القضاء علي القسطنطينية.لقد كان الاستيلاء عليها أملا يراود الكثيرين . والإمبراطورية البيزنطية كانت العدو الأول للإسلام بعد أن سقطت دولة الفرس في القرن السابع الميلادي، وظلت تصطدم مع المسلمين في عهد الخلفاء، وفي خلافة الأمويين والعباسيين وما بعدها.وكثيرًا ما كانت تتحين فرص ضعف الدولة الإسلامية فتغير عليها، وتنتزع بعض أراضيها.ولا يخفى أن بعد موقعة ملاذكرد في القرن الحادي عشر أصبحت القسطنطينية نفسها محورًا تتمركز فيه كل قوى الصليبيين المتجمعة من أطراف القارة الأوربية؛ لتشن الغارة تلو الغارة على الأراضي المقدسة، ومناطق نفوذ المسلمين الأخري.ولا ينسى أحد للقسطنطينية أنها في سنة 768هـ/1366م، تحالفت مع روما ودول أوربا الأخرى إلا أن بايزيد هزمهم في نيقوبولس.ولم يَنْسَ خلفاء الدولة العثمانية للقسطنطينية أنَّها في سنة 846هـ/1441م تآمرت مرة أخرى مع ملوك البلقان ضد مراد الثاني حيت هزمهم.  وراح محمد الفاتح يضع الخطة بإحكام، عقد هدنة مع ملوك المسيحيين في البلقان لمدة ثلاث سنوات. واستغل هذه الفترة الآمنة الهادئة في تحصين حدوده الشمالية وتأمينها. ثم جهز جيشًا قوامه 60 ألف جندي نظامي، واتجه بهم نحو القسطنطينية وحاصرها، ومع أن حامية القسطنطينية لم تكن تزيد على 8000 جندي إلا أنها كانت محصنة جدّا، فالبحر يحيط بها من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة فقد أحيطت بأسوار منيعة، وهذا هو السبب الرئيسي في صمودها طوال هذه القرون واستعصائها على بني أمية وبني العباس.وقد كان تأخر سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين هو السبب في تأخر انهيار الدولة البيزنطية، فسقوط العاصمة يتسبب عنه سقوط الدولة بأكملها، ولعل ذلك يرجع إلى أن قدرًا من الحضارة المادية كان عند البيزنطيين؛ بحيث يستطيعون تحصين عاصمتهم والدفاع عنها، وقد تأخر سقوط الدولة البيزنطية لمدة ثمانية قرون كاملة، على عكس الدولة الفارسية التي سقطت وزالت مبكرًا نتيجة سقوط "المدائن" عاصمتها في وقت قصير.إلا أن الأحوال قد تغيرت كثيرًا في سنة 858هـ/1453م عندما حاصرها محمد الفاتح.وكان العالم قد توصل في ذلك الوقت إلى اكتشاف البارود-الذي يرجع الفضل في اكتشافه إلى العلماء المسلمين-مما جعل الأسوار كوسيلة للدفاع قليلة الفائدة.وإلى جانب هذا وذاك، فإن الأسطول الإسلامي أصبح أقوى بكثير من أسطول البيزنطيين، فحاصر المدينة من جهة البحر، وأغلق مضيق البسفور في وجه أية مساعدة بحرية.واستمر الحصار ستة أسابيع، هجمت بعدها الجيوش الإسلامية، وتمكنت من فتح ثغرة في أحد الأسوار، ولكن الحامية المسيحية- برغم قلتها- دافعت دفاعًا مريرًا، ومع ذلك فقد دخل محمد الفاتح القسطنطينية، وغير اسم القسطنطينية إلى "إسلام بول" (أي عاصمة الإسلام)، ولكنها حرفت إلى إستامبول، أما المسيحيون فلم يعاملهم بما كانوا يعاملون به المسلمين، لقد ترك لهم حرية العبادة.ولم يكتف محمد الثاني بهذا النصر، بل سار إلى أعدائه في الغرب، وأخضع معظم دول البلقان، إلى أن وصل إلى بحر الأدرياتيك، وفي آسيا امتدت سلطة العثمانيين حتى نهر الفرات فهزموا السلاجقة، واستولوا على جميع أراضيهم. في ذلك الوقت كان المماليك في البلاد العربية في حالة اجترار ماضيهم ولم يعد لديهم ما يمكن أن يعطوه للوجود الإسلامي ، وكان رأس الرجاء الصالح قد اكتشف ، وبدأت مصر تفقد جزءا كبيرا من أهميتها ، كما أن قانصوه الغوري لم يستطع إيقاف البرتغاليين الذين بدأوا يسيطرون على البحر الأبيض  ‏.‏ وفي عهد سليم الأول سنة 1516م ـ 922 هـ ‏"‏ زحف على مصر وقتل قانصوه الغوري ‏(‏ تحت سنابك الخيول ‏)‏ وشنق طومان باي ـ على باب زويلة ـ بعد أن هزمه سليم في موقعة الريدانية ‏.‏‏.‏ واستولى على مصر والشام ‏.‏ ولم يتوان سلطان الحجاز ، فأرسل مفاتيح الكعبة للسلطان سليم ، وحكم الحجاز باسم العثمانيين ‏.‏‏.‏ وفي عهد خليفة سليم الأول ‏(‏ سليمان القانوني ‏)‏ دخلت معظم البلاد العربية ‏(‏ اليمن ـ الجزائر ـ تونس ، مراكش ـ العراق ـ ليبيا ‏)‏ في حوزة العثمانيين ‏.‏ ولم تمض أكثر من عشرين سنة على اتجاه العثمانيين نحو البلاد العربية حتى كان المشرق العربي كله خاضعا لهم .   عجز الدولة عن حماية الأراضي الخاضعة لها، لها عدة عوامل ‏:‏ أولا ‏:‏ ضعف بعض السلاطين وانغماسهم في الترف ‏.‏ ثانيا ‏:‏ فساد أجهزة الدولة وانتشار الرشوة ‏.‏ ثالثا ‏:‏ تدخل رجال الحاشية في شئون الحكم ‏.‏ رابعا ‏:‏ وثمة عوامل  كثيرة عملت عملها في  الحياة السياسية والعقائدية والفكرية ‏ ‏. خامسا ‏:‏ ومما لا شك فيه أن ‏"‏ الأعداء ‏"‏ الصليبين ، والأعداءاليهود ـ كجماعات الدونما والماسونية ـ لا شك أن هؤلاء جميعا كانوا عوامل إضعاف للخلافة العثمانية ‏.‏ تعتبر قصة سقوط الدولة العثمانية من القصص الغامضة التي لا زالت تحتاج إلى الدرس العميق والتمحيص الموضوعي ‏.‏‏.‏ ونحاول إجمال أبرز عناصر هذه القصة في هذه السطور ‏.‏ في خلال القرن الثامن عشر كانت أوروبا تكتل أحقادها للانقضاض على الخلافة العثمانية واقتسام أملاك ‏"‏ الرجل المريض ‏"‏ تركيا ـ وأطلقت على هذه النزعة اسم ‏"‏ المسألة الشرقية ‏"‏ ‏.‏ ولم يكد ينتهي هذا القرن حتى كانت القوى الصليبية الكبرى في ذلك الوقت ‏"‏ بريطانيا وفرنسا والروسيا ‏"‏ تحاول الوصول إلى صيغة ملائمة للانقضاض واقتسام الغنائم ‏.‏ لا سيما وقد اكتشفوا ضعف الجانب التركي في معركة ‏"‏ سان جوتار ‏"‏ وعلى أبواب ‏"‏ فيينا ‏"‏ عموما ‏.‏‏.‏ عندما ظهر تخلف العسكرية العثمانية ‏. وفي سنة 1798 م كان صبي الثورة الفرنسية التي وقف اليهود وراء مبادئها ‏"‏ نابليون بونابرت ‏"‏ يزحف على مصر ليلقنها بمدافعه وخيوله وتحويله الأزهر  إلى إسطبل لخيوله ، وتدميره القرى والمدن على امتداد الطريق بين القاهرة والإسكندرية ‏.‏‏ولم يكد يمضي على ذلك الحادث أكثر من ست سنوات حتى كانت بريطانيا تحاول غزو العالم العربي مستهلة وجودها فيه بغزو مصر سنة 1807 فيما يسمى بحملة فريزر ‏"‏ ‏.‏‏.‏ وبين هذه السنوات ، وبالتحديد في سنة 1803 ، اعلن‏"‏ محمد علي باشا ‏"‏  أكبر محاولة للانفصال عن الدولة العثمانية ‏.‏‏.‏وامتدادا للخروجالذي أعلنه  ‏"‏ محمد علي ‏"‏ ظهرت محاولات أخرى للخروج وقام بها ‏"‏ بشير الشهابي ‏"‏ في لبنان ، وحركات في المغرب العربي ، بل وحركات داخل تركيا نفسها ترفع القومية الطورانية ‏.‏ هذا فضلا عن حركات الخروج التي سبقت حركة ‏"‏ محمد علي ‏"‏ ، كحركة علي بك الكبير سنة 1773م في مصر ، وحركة الشيخ ضاهر العمر سنة 1775م في فلسطين ، وفخر الدين المعنى في لبنان قبل سنة 1635م ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وهكذا ‏.‏‏.‏ كانت الدولة العثمانية تعاني من الداخل أشد المعاناة ، وتواجه من الخارج ‏.‏ ففقدت على الطريق ـ بالتالي ـ أملاكها في أوروبا ‏"‏ هنغاريا ، وبلغراد ، وألبانيا ، واليونان ، ورومانيا وصربية ، وبلغاريا ‏"‏ ‏.و بعد مقتل السلطانين العثمانيين في عام 1808م نصب محمود الثاني (1808-1839) سلطاناً على الامبراطورية العثمانية ، وكانت الامبراطورية العثمانية وما تزال في أوج قوتها ، تمتد حدودها بين القارات الثلاث أسيا، وأفريقيا وأوربا. وكانت مقاومة الصرب واليونان قوية في منطقة البلقان ضد الامبراطورية العثمانية. أرسلت فرنسا قوة عسكرية الى الجزائر في عام 1830بهدف تحرير الجزائر من سيطرة الامبراطورية العثمانية ، وكان الوالي العثماني في مصر محمد علي باشا يدرك أطماع العثمانيين، وقد أعلن محمد علي استقلاله عنها، ثم أرسل صهره ابراهيم باشا الى سورية لتحرير أراضيها من العثمانيين، وأنتصر ابراهيم باشا في معركة قونية على الجيوش العثمانية - كان مولتكه مشاركاً في تلك المعركة - أنسحبت القوات البحرية العثمانية من أمام القوات البحرية الروسية والفرنسية والانكليزية. وكان الوضع الداخلي للامبراطورية العثمانية حول المشاكل العسكرية والسياسية منعكساً على الوضع الخارجي .وكذلك جرت حركة في كردستان نفسها من العام 1836، هي حركة الامير محمد كور الذي أرسى حدود امارته سوران على حساب امارة بابان وبهدينان في سنوات 1826-1836. ثم انتهت على يد قوات العثمانية  .منذ أواخر القرن التاسع عشر أخذت الحركة الصهيونية التي بدأت تأخذ شكلا تنظيميا واضحا مرتكزا على الأيديلوجية ‏"‏ الصهيونية ‏"‏ محاولة الوصول إلى أهدافها في إقامة دولة يهودية ‏.‏ وفي سنة 1897م ‏(‏ والسلطان هو الحاكم ‏)‏ عقد المؤتمر الصهيوني بزعامة هرتزل في مدينة ‏"‏ بال ‏"‏ بسويسرا وهو المؤتمر المعروف باسم ‏"‏ مؤتمر بال ‏"‏ ووضعت خطة إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين ‏.‏ وقد حاول الصهاينة بقيادة هرتزل إقناع ‏(‏ السلطان عبد الحميد ‏)‏ العثماني  ـ بالسماح لهم بالهجرة إلى فلسطين ‏.‏‏.‏ فرفض السلطان رفضا قاطعا ولم يكتف بهذا ، بل وأصدر قانونا بمنع الهجرة اليهودية وبمنع إقامة مستعمرات لليهود في فلسطين ‏.‏ ولم تأت سنة 1918م إلا وكان السلطان عبد الحميد  قد سقط ، ووقعت جميع الأٌقطار العربية كمناطق نفوذ لبريطانيا وفرنسا ‏.‏‏.‏ وأيضا صدر ‏(‏ وعد بلفور ‏)‏ المشئوم في 2 نوفمبر 1917م ، وبدأت فلسطين تقع تحت الظروف الممهدة للزوال ، وكانت أولى الخطوات في ذلك وقوعها تحت الانتداب البريطاني في عام 1920م ‏.‏ وبين الحربين العالميتين ‏"‏ 1918م ـ 1939م ‏"‏ كان التطبيق العملي للمؤامرة العالمية ، وأيضا في الجانب الآخر الحركات الداخلية الممتصة للطاقة والمبددة لها والصارفة عن الخط الحقيقي لاستهلاكها ‏.‏‏.‏ كان ذلك كله يعمل على سقوط الخلافة ‏‏.‏ هجم اليهود من الداخل على الدولة العثماني بواسطة الأسلحة نفسها التي استعملوها في كل بلدان العالم الإسلامي، وهي أسلحة العنصرية والتحضرية، والحرية ، والإخاء ، والمساواة  ‏.‏‏.‏ وقد أقحم هؤلاء تركيا في الحرب العالمية الأولى دون مبرر معقول أو سبب يتعلق بها ‏.‏ فلما هزم الألمان ، أذعنت تركيا للهزيمة بنفسها ، وسجل رسميا سقوط الكرامة العثمانية الإسلامية بهدنة رودس في 1918م ‏.  ولم تكد الحرب العالمية الأولى توشك على الانتهاء حتى كانت الدول الأوروبية قد أتمت المسرحية الهزلية ‏.‏‏.‏ لاقتسام أملاك الخلافة الإسلامية الأخيرة ، ولإبراز رجل ينفذ مخططاتهم وأطماعهم بحذافيرها ‏.‏‏.‏ وعلى الرغم من أن الكتابات الاستشراقية والكتابات الصليبية واليهودية  تجمع على إخفاء هذه الحقيقة ، فإن الأحداث بطبيعة تطورها تثبت هذه الحقيقة ، ويكاد يصرح بهذه الحقيقة المستشرق ‏"‏ كارل بروكلمان ‏"‏ على الرغم من ذكائه الحاد في تطويع الحقائق ، وبترها وإضفاء جو إنشائي حماسي عليها ، نعم ، يكاد يصرح بهذا في كتابه الشهير ‏"‏ تاريخ الشعوب الإسلامية ـ الدولة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى ‏"‏ وهو يقول ‏:‏ ‏"‏ عند ذلك ‏.‏‏.‏ هيأت الدول الحليفة لتركيا ـ لاحظ الحليفة ـ الفرصة السانحة للرجل الذي قدر له أن ينشئ تركية الحديثة ـ يقصد  أتاتورك ـ ‏"‏ ولنا أن نتساءل ‏:‏ أي دول حليفة لتركيا تلك التي حولتها من زعيمة روحية ـ على الأقل ـ لربع البشرية إلى دولة هزيلة تعيش بلا ماض وبلا حاضر وبلا مستقبل ‏؟‏ وأي دول هذه التي  ساعدت أتاتورك على إلغاء الحروف العربية ، وإزالة الأوقاف ، وإغلاق المساجد  ، وتحويل مسجد ‏"‏ أياصوفيا ‏"‏ الشهير إلى متحف ، ومسجد محمد الفاتح إلى مستودع ، وإلغاء الشريعة الإسلامية ، واستبدال القبعة بلباس الرأس الوطني السابق ‏"‏ الطربوش ‏"‏ وفرض اللباس الأوربي بالقوة ،وحذف اللغة العربية واللغة الفارسية من مناهج التعليم بالمرة ، وبيع الكتب والمخطوطات العربية بأبخس الأثمان ، فضلا عن التعليم العلماني الأوروبي ، ليس في المجال التقني كما يجب أن يكون ، بل ـ فقط ـ في المجال الإنساني والأدبي والديني ‏!‏ ‏.‏

إن إلغاء الخلافة الإسلامية وإعلان الجمهورية التركية في 29 أكتوبر سنة 1923م ، وانتخاب مصطفى كمال أتاتورك من قبل جمعية لقبت نفسها ‏"‏ بالجمعية الوطنية ‏"‏ ، إن هذا كله لم يكن يعني سقوط تركيا الإسلامية في الحقيقة ، فكم من شعارات براقة زائفة ترفع ثم لا تلبث أن تزول ‏.‏ لكن تمكن الأتاتوركي ‏"‏ الغازي ‏"‏ من السيطرة على البلاد ، بمساعد ‏(‏ الدول الحليفة لتركيا ‏)‏ كما يقول بروكلمان وأمثاله ، ثم الاجراءات الخطيرة التي ذكرناها والتي اتخذها أتاتورك بعد ذلك ‏.  ولم يكن الخليفة العثماني محمد السادس الذي عاصر هذا الانقلاب ، كما لم يكن الخليفة الذي وضعه الانقلابيون مكانه عبد المجيد بن عبد العزيز ‏"‏ لم يكن هذا وذاك أكثر من تحفتين تاريخيتين ‏.‏‏.‏ تحملان معالم صورة هزيلة مهتزة ، لحقيقة كانت ـ يوما ما ـ عظيمة قوية ترعب أوربا كلها ‏.‏ ومع ذلك فلقد أدرك مصطفى أن البقاء الرمزي الصوري لهذه الحقيقة القوية العظيمة يشكل في حد ذاته خطرا على مخططاته الصهيونية ‏.‏‏.‏ ولذا فلم يكد يملك السلطة في يده ويتربع  على عرش السيطرة لمدة خمسة أشهر ، حتى أعلن إلغاء الخلافة الإسلامية ، ثم طرد آخر خليفة للمسلمين من البلاد في اليوم الثالث من مارس سنة 1924م ‏.

Back to Top

لمعرفة رأيكم وملاحظاتكم نرجوا مراسلتنا على البريد الالكتروني

KFARKELA_MJ@YAHOO.COM

 

KFARKELA@HOTMAIL.COM

KFRKELA@YAHOO.COM