KFARKELA

HISTORY AC to1100

Home
HISTORY BC
HISTORY AC to1100
HISTORY AC 1100 to 1920
ISRAELI OCCUPATION
Lebanon and Israeli Occupation
Palestine and Israeli Occupation
AAMEL MOUNTAIN
RUINS and CAVES
GENERAL VIEW
VITAL RESOURCES

في مطلع القرن الاول الميلادي بدات الديانة المسيحية تنتشر في البلاد الكنعانية آمن بها العديد من اليهود والوثنيين(الكنعانيين) و ذلك في ضل الامبراطورية الرومانية التي مارست الأضطهاد على المسيحيين حيث ان الدين المسيحي انتشر في ذلك الوقت . بين سنة 66-73 ميلادية قامت انتفاضة ضد الحكم الروماني قادها اليهود تم قمعها واستمرت الأزمات في هذة المنطقة حتى ثورة باركوشبا بين سنة 132-135 م التي قمعها الأمبراطور انديانوس وانشئ المقاطعة الرومانية كبيتولينا.وفي سنة 312 ميلاديه انتهى الأضطهاد الروماني الذي عانت منه المنطقة بأعلان الأمبراطور قسطنطين الدين المسيحي هو الدين الرسمي للدولة البيزنطية (الرومانية الشرقية).عاشت فيها منطقة الهلال الخصيب رازحة تحت الحكم البيزنطي المتسلط عليها باسم الدين ورجالهم (اكليروس).

 وبعد هذة الفترة وعلى حدود القسطنطينية قامت بطريركية مهمة تهتم بامور المسيحيين الشرقيين اهتمام روما بالمسيحيين الغربيين وهي بطريركية انطاكيا التى اسسها بطرس البطرك الاول قبل ان ينتقل الى روما ويؤسس فيها الكرسي الرسولي .وبجوار انطاكية في جبل قورش وسوريا ولبنان وفلسطين قامت اديار وصوامع ادت الى انتشار المسيحية بشكل واسع ،من حلب في الشمال الى القدس في الجنوب ومن اهم هؤلاء مارون ويوحنا مارون والناسك ابراهيم وكان يقيم في المنيطرة ثم انتقل الى الجزيرة العربية وكان يدعى (اسقف حران). وقد نشر تعاليم المسيحية الى جانب القس ورقة ابن نوفل اسقف مكة والقس ابن ساعدة اسقف المدينة المنورة وراهب بحيراء وغيرهم من الاسماء من الاسماء التي اخذت على عاتقها نشر المسيحية بين العرب في الجزيرة العربية .في سنة 571 ميلادية ولد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مكة المكرمة وفي الاربعين من عمره وبعد انعزاله في غار حراء جاءه الوحي بانه رسول الله الى الناس كافه وخاتم الانبياء وان دينه هو دين سيدنا ابراهيم الحنيف واول من آمن به هي سيدتنا خديجه بنت خويلد والقس ورقة ابن نوفل أسقف مكه ،وفيما راح المؤمنون يتكاثرون اصاب اهل قريش الفزع فتحركوا ضدة وحاربوةه رغم حماية عمة ابو طالب لة .اضطر للهجرة الى المدينة المنورة سنة 622 م ، وهي السنة التي اتخذها المسلمون منطلقا" للتقويم الهجري.توفي النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في العام 632 م بعد ان فتح مكة وحطم اصنامها وثبت الدعوه الاسلامية .                 

arab3.jpg

في سنة 12 للهجرة \633م اتجه الجيش الاسلامي نحو الحدود الفارسية استولوا على الحيرة (حاضرة المناذرة).و في سنة 13 للهجرة \634م شكلت ثلاثة جيوش ،توجه جيش نحو فلسطين بقيادة عمرو بن العاص عبر ساحل البحر الاحمر ،فيما سلك الجيشان الآخران بقيادة يزيد بن ابى سفيان وشرحبيل بن حسنة طريق معان –وادي الاردن – واصطدمت هذه الجيوش بجيوش البيزنطيين فهزمتها مما دفع بالامبراطور هرقل الذي كان مقيما" في حمص الى تحريك قوات ضخمة بقيادة شقيقة ثيودور –جاء خالد بن الوليد من جبهة العراق الذي تحرك نحو الشام التـقت الجيوش في معركة اجنادين وكانت الهزيمة للبيزنطيين وتم اخذ بصرى وتمت السيطره على حوران .ثم حاصروا دمشق التي سقطت في سنة 14 للهجرة \635م.

كانت بعلبك دائما" مفتاح لسوريا الشمالية وللبقاع اللبناني من جهه الجنوب ولفلسطين من جهه الشمال .وقد وصلها المسلمون بقيادة ابو عبيدة وضرب عليها حصار  فجرت معركة خارجها بينة وبين الجيش اليزنطي بقيادة هربيس بعدها  طلب القائد البيزنطي الصلح ففتحت اول مدينة لبنانية صلحا".اما على جبهة فلسطين تمت المواجهه الكبرى بين الجيش الاسلامي والبيزنطيين في سهل اليرموك عند احد روافد نهر  الاردن في 20 آب سنة 636 انهزمت جيوش الروم امام الجيش الاسلامي بقيادة خالد بن الوليد وسقطت مدينة القدس التي رفض بطريركها صفرونيوس تسليمها الا لعمر ابن الخطاب.عين ابو عبيدة يزيد بن ابي سفيان على منطقة دمشق وكلفة فتح المدن الساحلية للبحر الابيض المتوسط فقام هذا الاخير بمساعدة معاويه بالسيطرة على بيروت سنة 635 ومدن صيدا وصور وجبيل وعرقة سنة 636 .اما طرابلس فقد قاومت بسبب حصونها وحماية الاسطول البيزنطي لها ضرب معاويه الحصار عليها سنة 635 م. سقطت طرابلس سنة 644 م.بعد السيطرة على بلاد الشام تم بناء اسطول اسلامي بهدف مواجهة التحديات البحرية الروميه ،اتجهت الأساطيل الضخمه القادمه من امبراطورية الروم الغربية عبر البحر الابيض المتوسط باتجاه الساحل الشرقي للقضاء على المسلمين ،فجهز المسلمون اسطولا" وانطلقوا به من الساحل الشرقي للبحر اللأبيض المتوسط وتلاقى الجيشان في البحر في موقعة ذات الصواري وكان النصر حليف المسلميين سنة 655 م.

فيما كانت الجيوش الاسلاميه تحارب البيزنطيين على جبهة الشام ،تابعت زحفها نحو بلاد ما بين النهرين و ايران .وقد انتصرت هذه الجيوش في معركة البويب في سنة 13 للهجرة \634م -635 م. بقيادة المثنى بن حارثه الشيباني .لكن المعركة الكبري التي فتحت ابواب العراق وانهت وجود الامبراطورية الفارسية هي معركة القادسية التي جرت في سنة 15 للهجرة \636م -637 م. وقاد الجيوش في هذه المعركة سعد بن ابي وقاص. لاحق المسلمون ملك الفرس يزدجرد حتى قتل سنة 651م. كما احتلو المدائن عاصمة الفرس وتابعوا تصفية الأمبراطورية الفارسية التي استغرقت سنوات كان اشهرها معركة نهاوند سنة 21 هجريه \  641م.

في سنة 678 م. تمت معاهدة بين معاويه والبيزنطيين ومثل الملك قسطنطين في تلك المفاوضات البطريق يوحنا ستيكود. عزم معاوية على القضاء نهائيا على حكم الروم في شمال إفريقيا فهيأ عقبة بن نافع لذلك وكان ذو مهارة فائقة وأنزل خسائر فادحة بالروم ، انطلق من درنة وطبرق في ليبيا وفتح بعض المواقع في تونس ثم اختار موقعا مناسبا بنى عليه قاعدة حربية عرفت باسم القيروان في عام 50هـ ( في تونس الان) لتكون نقطة انطلاق لنشر الإسلام في شمال إفريقيا تولى عقبة ولاية إفريقيا للمرة الثانية في عام 60هـ وأصبح أبو مهاجر دينار تحت قيادته ، سار عقبة بقواته غربا حتى وصل المحيط الأطلسي (بحر الظلمات) . وفي أثناء عودته إلي القيروان فاجأه ( كسيلة ) قائد البربر بجيش كبير وحلفاؤه من البيزنطيين واشتبكوا معه بالقرب من تهودة (في الجزائر) واستشهد في هذه المعركة عقبة وأبو المهاجر دينار وكان ذلك عام 64هـ وعدد من جنودهما... أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان جيشا عظيما بقيادة حسان بن العمان عام 74هـ  وتمكن من تدمير قاعدة الروم في قرطاجة ، وقضى على ثورة البربر وطرد الروم نهائيا من شمالي إفريقيا وتفرغ لتنظيم بلاد المغرب ، ونشر الإسلام بين السكان فأقبل عليه البربر بحماس شديد . وكان موسى بن نصير قد تولى ولاية إفريقيا عام 85هـ  وحدث أن استولى لذريق أو ( رودريك ) أحد كبار القادة القوط على الحكم وقتل ملك البلاد وكان يدعى( غيطشه) وتغلب على ابنه( وقـله) فانقسم الشعب بين مؤيد ومعارض للملك الجديد ، ولجأ وقله إلي ( جوليان ) حاكم سبته الذي كان يضمر كرها شديدا للذريق ،اتصل جوليان بموسى بن نصير يحثه على فتح الأندلس ووعده بتقديم المساعدة فاستأذن موسى الخليفة الوليد بن عبد الملك فوافقه ،قاد جيوش المسلمين الزاحفة على أسبانيا ثلاثة هم طريف بن مالك وطارق بن زياد وموسى بن نصيروكان طريف أول هؤلاء وكان زحفه بمثابة كشف واستطلاع فقد عبر المضيق على رأس خمسمائة من الخيالة والرجالة تحملهم سفن جوليان وكان ذلك عام 91هـ  ولم يجد طريف مقاومة تذكر وما تزال الجزيرة التي غزاها تحمل اسمه حتى اليوم . ودفع هذا النجاح بموسى بن نصير إلي عمل حاسم اختار له طارق بن زياد الذي عبر المضيق ونزل بجيشه على جبل يعرف باسمه حتى اليوم وألقى خطابه الشهير ( أيها الناس أين المفر ؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم ، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر) وعرف لذريق بغزو المسلمين فأعد جيشا بلغ مئة ألف مقاتل وقاده بنفسه،تقابل الجيشان في وادي لكة ( في رمضان عام 92هـ ) واستطاع طارق بجيشه أن يفرق ويمزق جيش العدو . واختفى لذريق ولم يعد يعثر له على أثر ، بينما أخذ طارق يفتح المدن ويبسط سلطانه عليها فاستولى على قرطبة وغرناطة وطليطلة. وفي عام 93هـ قاد موسى جيشا قوامه ثمانية عشرألف جندي لمعاونة طارق وتعزيز حركة الفتح في الأندلس وفتح في طريقه مدنا أهمها ماردة ثم استقر مع طارق في طليطلة  واتجها شمالا إلي سرقسطة وفتحاها ومنها تقدم المسلمون في اتجاهات عديدة , حتى تم لهم فتح الغالبية العظمى من الأندلس عام96هـ.وصل المسلمون في فتوحاتهم السابقة في الأندلس إلي جبال البرتات ( البرانس) على الحدود مع بلاد الغال(فرنسا) ثم توالت الحملات الإسلامية على فرنسا ، وفي عهد  عمر بن عبد العزيز اخترق والي الأندلس السمح بن مالك الخولاني جبال البرانس ولكنه استشهد في معركة تولوز عام 102هـ /721م..تولى القيادة عبد الرحمن الغافقي ودخل جنوب فرنسا وفتح تولوز وبوردو وحقق انتصارات باهرة واستمر في زحفه حتى وصل بلدة تور فأثار مخاوف سكان أوروبا ، فتجمع معظمهم تحت قيادة شارل مارتل المعروف بالمطرقة من شدة ضربته وجرت معركة( بواتيه) عام 114هـ/732م  التي عرفت باسم بلاط الشهداء لكثرة شهداء المسلمين وفيها استشهد عبد الرحمن الغافقي .. وقد أوقفت تلك المعركة الزحف الإسلامي على أوروبا وحرمت شعوبها من نور الإسلام وعدالته. وفي عهد الوليد بن عبد الملك نشطت حركة الفتوحات حيث كان الحجاج بن يوسف الثقفي واليا على العراق  فسير جيوش المسلمين إلي بلاد ما وراء النهر بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي ، وكان الأخير عاملا على خراسان واتخذ من مرو عاصمة خراسان قاعدة لانطلاق فتوحاته فانطلق وعبر نهر جيحون ورغم استشهاد آلاف المسلمين لكنهم تمكنوا بفضل إيمانهم وعزمهم من فتح بخارى عام90هـ ، وواصلوا انتصاراتهم وتمكنوا من فتح خوارزم وسمرقند وطشقند في عام 93هـ فصارت الأراضي الواقعة بين النهرين جزءاً من الدولة العربية الإسلامية .ولم يكتف قتيبة بن مسلم بما حققه وعزم على فتح الصين وفتح مدينة كاشغر عام96هـ وفرض الجزية على ملك الصين ، ولما توفى قتيبة تولى القيادة من بعده يزيد بن المهلب الذي نجح في عهد سليمان بن عبد الملك في فتح جرجان وطبرستان ،،

omawi2.jpg

andlos.jpg

الحكم الأموي المباشر في الأندلس:دخلت الاندلس المرحلة الثانية من تاريخها السياسي عندما فوّضت اركان الخلافة على بني امية في دمشق حيث هزم اخر خلفائهم مروان بن محمد امام جيوش العباسيين في معركة الزاب سنة 132 هـ. عبدالرحمن  وبمساعدة اخواله البربر استطاع العبور إلى الاندلس. استطاع عبدالرحمن الملقب «الداخل» من تأليف القبائل اليمانية التي كانت ناقمة على هيمنة القبائل القيسية وبمساعدة البربر استطاع ان يخضع الاندلس لسيطرته وان يبايعوه أهل الاندلس اميراً عليها سنة 138 هـ «755م». اتخذ عبدالرحمن قرطبة عاصمة له.استمرت السلالة الاموية في حكم الاندلس حيث بلغت اوج حكمها في زمن عبدالرحمن الثالث الذي دام حكمه لأكثر من خمسين عاماً وامتد سلطانه إلى شمال افريقيا.

بدأ حكم عبدالرحمن الثالث في سنة 300 هـ وانتهى عام 350 هـ وقد توسعت قرطبة في عصره ليبلغ عدد سكانها النصف مليون تقريباً، وقد بدأ الناصر ببناء مدينة الزهراء التي استمر بناؤها 17 عاما ليجعلها مدينته المفضلة وهي تبعد عن قرطبة عدة اميال ولكن لم يمهل الزمن مدينة الزهراء هذه طويلا اذ قد دمرت بعد خمسين سنة تقريباً في فتنة البربر الشهيرة.توفي الخليفة الناصر سنة 350 هـ فخلفه ولده الحكم الثاني الذي حكم لغاية سنة 366 هـ.المنصور: جمع المنصور هذا قدرة ادارية كبيرة وكفائة عسكرية عالية يخالطها الكثير من الحنكة السياسية وميل إلى البطش والتنكيل.. خاض المنصور مع النصارى الاسبان عدة معارك اثبت فيها نفسه شبحاً مرعباً للاسبان تتحدث به كتبهم لحد الآن وفي احدى المعارك استولى على كنيسة سنتياغو وجعل الاسرى الاسبان يحملون الاجراس على ظهورهم لمسافة 400 ميلاً إلى قرطبة..وبموت الحاجب المنصور سنة 1002م بدأ الهبوط السريع لحكم الاسلام في الاندلس فلم يمض إلاّ وقت قصير حتى اندلعت فتنة البربر الذين دمروا مدينة الزهراء رائعة المدن في الاندلس وتعاقب على الخلافة الاموية خلفاء ضعفاء لم يتركوا اثرا يذكر .بعد الغاء الخلافة الاموية في قرطبة انفرط عقد دولة الاندلس الاسلامية وعادت الصراعات والاطماع القديمة إلى الظهور وانقسمت  الدولة إلى عدد كبير من الممالك الصغيرة التي قد لا يتجاوز الواحدة منها مساحة المدينة الواحدة وما حواليها، وانحسرت عظمة قرطبة وصارت تابعة فيما بعد لسلطان اشبيلية التي ملكها بنو عاد.. كانت دويلات الطوائف هذه متحاربة فيما بينها لا يجمعها جامع من دين أو عصبية أو مصلحة مشتركة فكان من المستحيل على مثل هذه الدويلات الاتحاد ضد خطر الاسبان الزاحف من الشمال ولكن على الرغم من التفكك الاداري والعسكري الذي اصاب الاندلس .كانت قد نشأت في المغرب العربي دولة قوية ناشئة من البربر الذين اسلموا حديثاً وسموا انفسهم بالمرابطين وكان ملكهم يوسف بن تاشفين الذي عبر المضيق المائي الفاصل لنجدة اخوانّه في الاندلس والحق بالاسبان هزيمة منكرة في معركة زلاقة الشهيرة حيث لم يعد من جيش الاسبان البالغ 60 الفاً سوى بضع مئات لاذوا بالفرار مع ملكهم الفرنسو السادس. وتنفست ممالك الطوائف الصعداء ولو لفترة قصيرة.. كانت اشبيلية يحكمها المعتمد بن عباد الشاعر المشهور والذي دبّ الخلاف بينه وبين يوسف بن تاشفين فنفاه يوسف هذا إلى المغرب في مدينة اغمات التي مات فيها فقيراً مأسوراً.رجع يوسف بن تاشفين إلى الشمال الافريقي وتوفي هناك فدب النزاع بين سلالته وسلالة اخرى انشأت لها دولة سميت بدولة الموحدين والذين كانت لهم الغلبة اخيراً واشتهر من ملوكهم السلطان يعقوب ابو يوسف الذي عبر إلى الاندلس بعد ان سمع بالتهديد الاسباني الجديد لنصارى قشتالة فاشتبك مع الاسبان في معركة دامية «معركة الاركوس» حيث خسر الاسبان معظم جيشهم وقد حاصر ابو يعقوب مدينة طليطلة حصاراً طويلاً فخرجت ملكة الاسبان وبناتها إلى السلطان ترجو منه فك الحصار وقد تحرك قلب ابي يعقوب لهذه الجرأة وملئت قلبه الاريحية فأرجعها معززة مكرمة ومحملة بالهدايا والنفائس.. وكان السلطان يعقوب هذا هو الذي بنى المأذنة وبرج المراقبة المسمى الجيرالدا «Giraldo» والذي مازال يطل شامخاً في سماء اشبيلية. كان هذا السلطان يحترم العلماء والمفكرين وقد ضم بلاطه ابن رشد وابن طفيل وغيرهم من الاطباء ابن زهر وابن باجة.لابد ان نذكر هنا ان السقوط المتسارع لممالك الطوائف هو نتيجة لمعركة العقاب التي دارت رحاها في سنة 609 هـ «1212م» بين الاسبان ومن ساندهم من الصليبيين العائدين من ارض الشام بعد طردهم من قبل صلاح الدين، وبين جيش السلطان محمد بن يعقوب ابي يوسف الذي عبر إلى الاندلس لتأديب الاسبان إلاّ ان تعسفه وسوء ادارته ادت إلى انفضاض مسلمي الاندلس عنه عند اول هجوم للاسبان في تلك المعركة فمنهم من هرب ومنهم من انضم إلى الاسبان.في تلك المرحلة الدامية العصيبة التي مرت بها دويلات الطوائف ظهر متنافسان قويان رئيسيان هما محمد بن الأحمر وابن هود وكان قد بلغ العداء بينهما على اشده بحيث استعان ابن الاحمر على خصمه بالاسبان وتنازل ابن هود بدوره عن ثلاثين من قلاع المسلمين للاسبان رغبة في مساندة الاسبان له ضد ابن الاحمر. كان حظ ابن هود اقل من حظ خصمه اذ استطاع ان يهزمه الاسبان ويموت اخيراً بالسم بينما استطاع ابن الاحمر هذا الذي اشترك في حصار اشبيلية كما ذكرنا، من بسط سلطانه ودعمه في جنوب الاندلس فاستولى على غرناطة عاصمة لملكه، التي قد تضخم عدد سكانها فبلغوا 200 الفا بسبب نزح الهاربين اليها من مجازر الاسبان وكانت تقع في موقع حصين في واد فسيح تحيد به الجبال وتتوفر فيها المياه العذبة وبسبب جهود الغرناطيين وخبرتهم تحول ذلك الوادي إلى حدائق غنّاء تنتج الغذاء الوفير مما جعلها موضع حسد من قبل النصارى الاسبان يتحينون الفرص للايقاع بها وابتلاعها كما سنرى فيما بعد. كان اسلاف ابن الاحمر ينتمون إلى سلالة بني نصر وهم من الانصار من الخزرج بالذات وكان اسلافه ممن خدموا السلالة الاموية في غرناطة وابلوا بلاء حسناً في الحروب.. بدأ محمد بن الاحمر ببناء قصره الحمراء على قمة تل كان موقعاً لحامية عسكرية مسلمة «القصبة» فجلب إلى هذا الموقع المياه بواسطة قنوات عميقة داخل الارض من الجبال المحيطة واتسع البناء ليستطيع ضم 000/40 الفاً وقد تعاقب سلاطين بني الاحمر على عمارة قصر الحمراء وتوسعته والعناية بحدائقه البهيجة حتى صار اعجوبة في الفن المعماري لهذا اليوم اصبحت غرناطة اخر معقل للاسلام في الاندلس وازدهرت فيها العلوم والفنون والاداب والفلسفة وكان سلاطينها يشجعون هذه النهضة ويرعونها ويجودون عليها بالغالي والنفيس.. وازدهرت الزراعة عبر موانئها الجنوبية الواقعة على البحر الابيض المتوسط ففيها عاش لسان الدين بن الخطيب وقضى ابن خلدون بعض الوقت من عمره في بلاط بني الاحمر.. واستطاعت غرناطة ان تصمد لقرنين آخرين من الزمان حتى سقوطها سنة 1492م.

ان صمود غرناطة لهذا الزمن الطويل يرجع لعدة اسباب منها منعة غرناطة وحنكة سلاطين بني الاحمر السياسية وصراعات الاسبان الداخلية.كانت ممالك الاسبان الرئيسية هي قشتالة والاراكون «وليون التي ضمت إلى الاراكون» انّه لمن سوء طالع غرناطة ان يتم التصالح بين قشتالة والاراكون بزواج ملكة قشتالة ايزابيلا من ملك الاراكون فرديناند وبهذا توحدت ممالك الاسبان وبرزت اسبانيا المسيحية كدولة فتية قوية كان هدفاً مشتركا بينهما ان يقضي فرديناند وايزابيلا على غرناطة بصورة نهائية.. كانت ايزابيلا متعصبة لمسيحيها إلى حد الهوس وكانت ترى ان رسالتها ان تطهر ارض اسبانيا من الكفرة في نظرها وكان يساعدها على ذلك صرامة شديدة وقلب قاسي لا يلين. اما زوجها فرديناند فهو ضب لا يرى ضيراً ان يكتب عهداً بيمنيه لتنقضها شماله.وبينما كان البلاط الاسباني سائراً في طريق الوحدة كان بلاط بني الاحمر مسرحاً للفتن والدسائس والمؤامرات التي ادت إلى ان يقتل بعضهم البعض.اقترتب نهاية غرناطة عندما اعتلى السلطان علي ابو الحسن ابن الاحمر عرش غرناطة ـ كان ابو الحسن شجاعاً مقداماً ولكن يخالط شجاعته مزاج حاد وطبيعة نارية تبلغ درجة التهور والطيش غير عابي للعواقب ـ كان ابوه قد شخص ضعف غرناطة امام الاسبان فآثر السلامة ورضي ان يدفع لملك الاسبان ضريبة سنوية لارضائهم.. اما ابو الحسن هذا فعندما طولب بالضريبة. اجاب الاسبان ان ليس عنده إلاّ السيف واعقب كلامه بالفعل فهجم على حامية اسبانية قريبة واحتلها وطرد منها الاسبان.وجد فرديناند وايزابيلا فرصتهم الذهبية لتحقيق حلم اسلافهم بالقضاء على هذا المعقل الحصين للاسلام.

وقد ساعدهم على ذلك حصول فتنة كبيرة في البلاط الملكي في غرناطة اذ ان ابا الحسن كان قد تزوج من ابنة عمه عائشة التي ولدت له ابنه ابو عبدالله المقلب «الصغير» وكان لأبي الحسن زوجة اسبانية جميلة كانت المفضلة عنده حيث ولدت له طفلين واراد ان يجعل الملك لهما من بعده.. حدثت الفتنة داخل القصر بين أبي عبدالله الصغير مدفوعاً من امه عائشة وبين ابيه كان للاسبان يد فيها.. ويلف الغموض احداث هذه الفترة إلاّ ان المعروف ان ابا الحسن ترك غرناطة متجهاً إلى المرية عند اخيه الملقب «الزغال» لشجاعته وبأسه وهناك توفي ابو الحسن فاندلعت الفتنة بين الزغال وابن اخيه ابي عبدالله الصغير انتهت بأن يقسم الاثنان المملكة بينهما فيكون للزغال مالقة والمرية وجنوب غرناطة يكون الباقي لأبي عبدالله.قرر فرديناند تصفية الخصمين كلاً على حدة وكان ابو عبدالله قد ارتبط بمعاهدة صداقة مع فرديناند.. فبعث فرديناند جيشاً كبيراً لمحاصرة مالقة لعدة شهور اصابت المجاعة اهلها ببلاء عظيم واستبسل سكانها في الدفاع عن مدينتهم.. وقد ارسل الزغال جيشاً من المرية لنجدة مالقة ولكن قطع الطريق عليه قوة عسكرية ارسلها ابو عبدالله.. انتصاراً للاسبان!! ولم يجد هذا الخسيس ضيراً ان يرسل رسالة تهنئة إلى فرديناند بسقوط مالقة فيما بعد.اخيرا استسلمت مالقة للاسبان وبدأت المجازر التي راح ضحيتها الطفل والشيخ والمرأة على حد سواء.. لقد سجل الاسبان صفحة سوداء اخرى في تاريخهم في مالقة حفظتها كتب التاريخ.ابدى الزغال شجاعة نادرة في مناوراته مع الاسبان وحقق انتصارات لا باس بها عليهم ولكن الكفة رجحت اخيراً لصالحهم فلم يجد بُداً من الاستسلام فأعطي بعض المال ونفي إلى ارض وهبها له فرديناند.ولكن بقاءه في الاندلس لم يعد مرغوباً فيه فأمر اخيرا بالرحيل فعبر إلى فاس في مراكش وهناك اتهم بالخيانة والجبن وصودرت امواله وفقأت عيناه وسجن ثم اخرج من السجن ليبدأ بالتسول في شوارع فاس وليموت البطل اخيراً كسير القلب مجروح الفؤاد على الرغم من استماتته في الدفاع عن معقل الاسلام الاخير في الاندلس.ودارت الايام على أبي عبدالله.. فلم يمض إلاّ وقت قصير حتى طلب فرديناند من أبي عبدالله تسليم غرناطة فوراً.. اسقط في يد ابي عبدالله ولم يجد الغرناطيون بداً من الدفاع عن مدينتهم والاستماتة في سبيلها.وهكذا فقد بدأ حصار غرناطة في خريف سنة 1491م بعد ان سبقه تدمير الحقول والمروج والبساتين في وديان غرناطة الخضراء استمر الحصار لبضعة شهور كانت تكثر خلاله المناوشات والمبارزات بين فرسان المسلمين والاسبان كانت الغلبة في معظمها لفرسان الإسلام حتى خشي فرديناند على فرسانه من الابادة فأمر بايقاف المبارزة بين الطرفين وضيّق بدلها الحصار حتى تفشت المجاعة في داخل غرناطة.وهناك بدأ ابو عبدالله الصغير مفاوضاته سراً لتسليم غرناطة وفك الحصار عنها على شروط عديدة.وفى صباح يوم الثالث من كانون الثاني 1492 استيقظ الاسبانيون على اطلاقات المدافع من قصر غرناطة وإذا بهم يرون الصليب منتصباً على قصبته فها قد تم الاستسلام واعطيت المفاتيح لفرديناند وايزابيلا وبهذا انهزم هلال التوحيد امام صليب الشرك.كانت شروط تسليم غرناطة للاسبان تقضي للمسلمين بحرية الدين واللغة.. كما ان للمسلمين الحق في المحافظة على اموالهم وتقاليدهم وان تحسم قضاياهم من قبل قضاة مسلمين وكذلك السماح للمؤذنين بالاذان في أوقات الصلاة. ويُمنع المسيحيون من دخول بيوت المسلمين من غير اذن.. الخ، لقد استنام الغرناطيون لهذه العهود والمواثيق التي قطعها الاسبان لهم والتي كانت مخدعة الصبي عن اللبن أو الفطام.. فلم يعرف الاسبان ابداً انهم حافظوا على عهد سابق ابداً. بدأ التعسف والاضطهاد مباشرة بعد سقوط غرناطة وبدأت حملات التنصير الاجباري للمسلمين. ولكن الاسبان لاحظوا ان هؤلاء غالباً ما كانوا يظهرون المسيحية ويبطنون الاسلام وبدأت محاكم التفتيش بمحاكمة وحرق من يشتبه فيه التنصير الظاهري فراح الكثير ضحايا هذه المحاكم التي أمرت بأنشائها الملكة ايزابيلا لتلتهم اليهود والمسلمين وفيما بعد حتى النصارى الذين يشك في ولائهم المطلق للكنيسة الكاثوليكية فاقترنت ايزابيلا بمحاكم التفتيش هذه في التاريخ فكانت سنّة سيئة عليها وزرها ووزر من عمل بها.. ايزابيلا هذه التي سمّاها شكسبير شاعر الانكليز «ملكة ملكات الارض» وهي نفسها التي يبحث الفاتكان الآن في شأن رفعها إلى مستوى القديسة.. هذه هي التي كانت سبباً في ابادة شعبين مسلمين، المسلم في الاندلس والهنود الحمر في اميركا التي عبر اليها كولمبس مبحراً من اشبيلية بأموال الغنائم التي غنمها الاسبان من غرناطة وبأمر من ايزابيلا وزوجها فرديناند..في سنة 1502م صدر مرسوم ملكي يقضي بأن يُمنح المسلمون شهرين فقط لا غير لاعتناق المسيحية أو الطرد النهائي فشهدت ساحات غرناطة احراق 000/80 من الكتب العربية والتنصير الاجباري للمسلمين من نزلاء حي البيازين المقابل لقصر الحمراء. وفي سنة 1566م صدر مرسوم ملكي آخر يقضي بمصادرة الكتب العربية ومنع التكلم بالعربية ومنع الحجاب بالنسبة للمسلمات وغلق الحمامات العامة ومنع الزي الاسلامي والاستعاضة عنه بالزي الاسباني وتغيير الاسماء العربية إلى الاسبانية.كان هذا فوق طاقة تحمل المسلمين فاندلعت ثورة عارمة في غرناطة وفي منطقة جبال إلبشارات التي التجأ اليها الالوف من المسلمين استمرت هذه الثورة لثلاث سنوات متتالية.. ارتكب فيها الاسبان ابشع الجرائم فاحرقت الكهوف على ساكنيها في جبال إلبشارات وقتل فيها الاطفال والشيوخ والنساء.. كان مدبر هذه الحملة على هؤلاء المقهورين البائسين هو (الامير دون جون) الابن اللقيط للامبراطور كارلوس الخامس.اما بالنسبة للفن المعماري فنظرة فاحصة إلى قصر الحمراء ومسجد قرطبة وقصر اشبيلية جديرة ان تثبت ما وصل إليه المسلمون من درجة عالية من الرقي في الفن المعماري والذي لا يزال محط انظار العالم إلى وقتنا الحاضر.كما علينا ان لا ننسى التراث الفلسفي الكبير الذي خلفه لنا كبار الفلاسفة المسلمين مثل ابن رشد الذي كان له الاثر الكبير في نقل تراث الفلسفة اليوناني إلى اوربا عن طريق الاندلس وقد ذكر برتراند راسل انّه كانت مدرسة فلسفية في اوربا من اتباع ابن رشد.وكذلك ابن الطفيل وكتابه الشهير في الفلسفة (قصة حي بن يقظان) وعبد الله بن ميمون والذي كان من يهود قرطبة الا انّه اثرى التراث الانساني بمؤلفاته التي الفها باللغة العربية، وابن عربي وفتوحاته المكية..وقد برع الكثير من المسلمين في مجال الطب كابن زهر التي كانت مؤلفاته تدرس لفترة طويلة في حواضر اوربا وابن باجة..

 بدات الدعوة العباسية في خراسان بقيادة ابي مسلم الخراساني وقد احتل (مرّو)عاصمة خراسان وانتصر على مروان بن احمد،آخر الخلفاء الامويين في معركة الزاب في العراق سنة 750 م.واعلن ابو العباس خليفة فنقل مركز الخلافه من دمشق الى الكوفة في العراق .ثم أصبحت بغداد مركزا"للخلافة العباسية فيما بعد .ولم يبقى من الامويين سوى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الذي هرب الى الاندلس ،حيث كانت القوات الاسلامية قد اجتازت بقيادة طارق بن زياد مضيق اعمدة هرقل (جبل طارق)واحتلت اسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا حيث اقامت دولة اموية سميت بالأندلس . دام العصر العباسي الأول مدة قرن من الزمان تقريبا وحكم فيه تسعة خلفاء أولهم السفاح وأخرهم الواثق.

ولد أبو جعفر المنصور في الحميمة عام 101هـ، عاون أخاه السفاح في القضاء على أبي سلمة الخلال الذي أراد تحويل الخلافة إلي بني علي ، ولاه السفاح الجزيرة وأذربيجان وأرمينية كما ولاه إمارة الحج عام 136هـ ، ويعتبر أبو جعفر المؤسس الحقيقي للدولة العباسية لأنه أحكم الرابطة بين القوة الزمنية والسلطة الدينية ،انتصر على جميع الثورات التي واجهته وهيأ ملكا راسخا قوي الدعامة لبني العباس فترك لابنه المهدي مملكة عريقة ومهيبة في الداخل والخارج ، أنهكته الأعمال والأعباء فقصد مكة للحج والبقاء فيها لكنه مات قبل أن يصلها ببضع ساعات عام 158هـ .

نهج المهدي نهج أبيه المنصور في وكان أبوه قدعهد إليه منذ حداثة سنه في الخامسة عشرة فأرسله علي راس جيش كبير من أهل خراسان للقضاء علي عبد الرحمن بن عبد الجبار الازدي والي خراسان ،كما أوكل له القضاء علي أستاذ سيس في خراسان . وكان يعاصر المهدي في غرب أوروبا شارلمان فنشأت صداقة بينهم واستمرت المودة بين الدولتين إلي زمن الرشيد،أما الدولة الرومانيه الشرقيه ونعني بها (البيزنطية) فكان العداء مستحكما بينها وبين المهدي وقامت الحرب بينهما برا وبحرا وانتهت بتقدم قوات المهدي وابنه الرشيد إلي البسفور وعندها صالحته ايرين إمبراطورة الدولة البيزنطية علي دفع جزيه سنوية. وتوفى المهدي عام 169هـ ليخلفه ابنه الهادي....

الهـادي قضى أكثر أيامه في الحرب والغزو ، حكم بعد موت أبيه لمدة عام واحد ومات عام 170هـ , سار على نهج أبيه واشتد في محاربة الشيعة عندما ظهر الحسين بن علي بن الحسين  بن علي بن أبي طالب وقتل في معركة (فخ) عام 169هـ .. وقيل إن أمه الخيرزان دست عليه بعض الجواري لقتله لأنها كانت تسرف في إنفاق الأموال ونهاها عن ذلك حتى غلظ معها.. وفي أقوال موته أيضا انه دفع نديما له من جرف على أصول قصب قد قطع فتعلق النديم به  فوقع فدخلت قصبة في مخرجه قيل أنها سبب موته .. هارون الرشيد ولد بالري عام 145هـ أمه يمنية جرشية يقال لها الخيرزان وبتوليه الخلافة بلغت الدولة العباسية غاية قوتها وتجلى عصرها الذهبي في أسمى مظاهره فلم يكن على وجه الأرض دولة تنافسها في عظمة السلطان وضخامة الثروة وأبهة الملك وفخامته ،،وربما كان للقصص المحكية عنه في ألف ليلة وليلة علاقة لما بلغته بغداد في عهده من الرفه والترف والبذخ ، وأصبحت مركزا تجاريا عالميا، لم تخلو أيام الرشيد من الثورات فقام الوليد بن طريف الشيباني شاقا عصا الطاعة في نصيبيين وقتل واليها، كما تمردت قبائل البربر الأفريقية وأخذت تنازع العباسيين تريد الاستقلال عن الحكم العباسي  وانتهى الأمر بقيام دولة الأغالبة  على يد إبراهيم بن الأغلب كحل تفتق عنه ذهن الرشيد يكون صمام أمان ضد خطر البربر من جهة  والأدارسة من جهة أخرى . كما قامت ثورة أخرى في الشام بنار العصبية القبلية بين العدنانية واليمنية ولم ينصلح حال الشام إلا عندما تولاها موسى بن يحي بن خالد البرمكي .وحدث أن امتنع إمبراطور بيزنطة عن دفع الجزية التي فرضت على بلاده في عهد المهدي ولم يكتف بذلك بل أرسل لهارون يطالبه برد الجزية التي دفعها فأرسل إليه هارون على ظهر كتابه:( بسم الله الرحمن الرحيم ، من هارون أمير المؤمنين إلي نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تره دون أن تسمعه، والسلام )..وخرج إليه هارون بنفسه على راس حملة قوية اخترقت أسيا الصغرى وغنم مغانم كثيرة وفتح هرقلة فارتاع نقفور وفزع فزعا شديدا وتعهد بأداء الجزية صاغرا ....ومن أعماله أيضا تصديه للبرامكة تلك الأسرة التي لعبت دورا كبيرا في حياة العباسيين وتولوا منصب الوزارة منذ عهد المنصور ويعود أصلها إلي الفرس واستوزر منهم هارون يحي بن خالد البرمكي واستعان بأولاده الأربعة ولكنهم غالوا في نفوذهم واستبدوا بأمور الدولة واخذوا ينافسون الرشيد نفسه في الحكم فنفذ صبره معهم وتخلص منهم فيما عرف بنكبة البرامكة .قضى في الخلافة ثلاثا وعشرين سنة ومات عام 193هـ بعد إن اشتد عليه المرض ، ويرى المؤرخون أن ولاية العهد لتي قطعها لأبنائه الأمين والمأمون كانت نذير شؤم على الدولة ... إن بساطا قد يتسع لنوم عشرة من الناس ولكن مملكة لا تتسع لحاكمين وبالفعل وقع الأخوان فريسة للتنافس والصراع على الحكم بين الحزبين العربي والفارسي ، الأول كان يغلب على الأمين والثاني غلب على المأمون .

ولد الأمين عام 170هـ بعد أخيه المأمون بأربعة اشهر وهو نقي الدم هاشمي خالص من أبيه وأمه هي أم جعفر زبيدة بنت المنصور . حكم أربع سنين ثم قتل في الخلاف بينه وبين اخيه على يد بعض الجنود الفارسية  عام 198هـ وعمره ثمانية وعشرون عاما ، وكان قد أرسل جيشا يأتيه بالمأمون فانهزم عند الري وأعلن المأمون نفسه خليفة ووافق الأمين إن يسلم نفسه لأخيه ولكن الفرس صادوه في الطريق وقتلوه ، وحزن عليه المأمون وأكرم أبناء أخيه وزوجهم من بناته.. مما اخذ عليه في سنينه القليلة انشغاله بذاته ولذاته ففسد حال الرعية أيضا .. وقال عنه السيوطي( كان ذا بطش وشجاعة فصيحا بليغا لكنه سئ التدبير ضعيف الرأي ، أرعن  لا يصلح للإمارة).... المأمون ولد عام 170هـ أمه مراجل الفارسية ويعتبر عصره من أزهى عصور الدولة أسند إليه أبوه ولاية خراسان التي بويع فيها بالخلافة  ثم انتقل إلي بغداد عام 204هـ ، نشأ متشبعا بالكتب المترجمة عن الفرس واليونان مثل كتب ابقراط وجالينوس في الطب ، ترجم ابن المقفع كليلة ودمنة عن البهلوية  وترجم المجسطي لبطليموس، فنشطت حركة الترجمة نشاطا لم تشهده من قبل في عهده بفضل تعظيمه للعلم والعلماء وما كان يغدق عليهم من أرزاق ونقل العديد من الكتب لترجمتها في  بيت الحكمة ،ظهر في عهده الكندي الفيلسوف العربي الكبير ومن المترجمين الحجاج بن مطر وحنين بن اسحق الذي اشتهر بدقة تراجمه حتى إن المأمون أمر إن يأخذ وزن ما يترجمه ذهبا . كذلك تحول مرصد المأمون إلي مدرسة رياضية فلكية تخرج منها الأعلام والمشاهير مثل موسى بن شاكر ومحمد بن موسى الخوارزمي مكتشف علم الجبر ، وقد أضاف العلماء العرب للأبحاث الفلكية الرياضية والجغرافية التي سبقهم إليها الفرس والهنود واليونان . وتوطد اتصاله بعلماء الكلام وفي مقدمتهم ثمامة بن أشرس النمري وبشر بن غياث المريسي وقد استطاعا إن يجراه إلي الاعتزال إلي القول بخلق القرآن وان من لا يقول ذلك يدخل في عداد المشبوهين ، وقد جعل المأمون من فكرة خلق القرآن عقيدة رسمية للدولة وكان يمتحن الفقهاء في ذلك واشتد هذه المحنة عام 218هـ حيث عنف المأمون الفقهاء عنفا شديدا وضرب منهم من لم يقره بخلق القرآن وأهانهم وردعهم بالسيف, وكان ممن ثبت على رأيه احمد بن حنبل فقيده وحبسه حتى مات في عهد المعتصم . ويبين موضوع خلق القرآن ولع المأمون بالفلسفة وعلماء الكلام حتى قيل عنه انه كان متسامحا مع الشيعة حيث كانوا يفضلون العلويين على العباسيين في حضرته ولم يتعرض لهم .وقد حدثت في عهده ثورات كثيرة كان يعهد في إخمادها إلي قواده الأكفاء مثل طاهر بن الحسين الذي ولاه خراسان ومن بعده أبيه طلحة ومن بعده أخاه عبد الله الذي أسس هناك الدولة الطاهرية التي ظلت نحو قرن من الزمان .وكانت في مصر فتنة ظلت مشتعلة منذ حروب الأمين والمأمون وزاد فيها جموع الأندلس في الإسكندرية . كما ثار القبط عام216هـ  وظلت الفتن حتى دخل المأمون مصر عام 217هـ وظل بها تسع وأربعين يوما، وقامت في عهده وبرضاه الدولة الزيادية في اليمن خوفا من تفاقم خطر العلويين.. كما واجه المأمون ثورة الزط (النور) الذين عاثوا في الأرض فسادا حتى قضى عليهم المعتصم .وتوفى المأمون عام 218هـ  في أخر غزواته في بلاد الدولة البيزنطية في موضع يسمى البدندون شمال مدينة طرسوس بعد إن أصيب بحمى شديدة ، وكان قد أوصى بالخلافة من بعده لأخوه المعتصم .... المعتصــــم حكم من 218 إلي 227هـ  هو ابن الرشيد وأمه أم ولد تسمى ماردة ، تولى الخلافة وعمره ثمانية عشرة عاما ، اشتهر بلبس قلانس طويلة ذات ألوان مختلفة سميت بالمعتصميات كما البس قواده دروع الديباج المنسوجة بالذهب المرصع بالياقوت  . اتسمت سياسته بإيثاره العنصر التركي الذي كون منه غالبية الجيش مما أثار حفيظة العرب ، فثار عليه العرب في الشام وأثار الأكراد الفتنة في الموصل ، وحاول العرب التخلص منه بعد إن ساءت معاملة الأتراك لهم ولكنهم فشلوا في هذا وقبض عليهم وعلى زعماء الفتنة العربية مما يعني للمعتصم استمرار الارتماء في أحضان العنصر التركي ، كما سخطت عليه بغداد فنقل الأتراك إلي مدينة سامراء( سر من رأى) التي بناها لهم خصيصا. وبهذا الاسم كانت تضرب النقود العباسية.. وشيد المعتصم لنفسه قصرا بسامراء أطلق عليه الجوسق ، وانشأ فيها كثير من المتنزهات والملاعب وارتفع فيها البنيان فجذبت الخلفاء من بعده حتى عام 276هـ . قضى على ثورات الزط في البصرة ونفاهم من المنطقة ، وقضى على ثورة بابك الخرمي حليف إمبراطور بيزنطة شمال أذربيجان ، على إن أعظم الأحداث في عهد المعتصم كان فتح عمورية وهدمها ، فقد أغتر إمبراطور بيزنطة على زبطرة مسقط رأس المعتصم فخرج المعتصم على راس جيش جرار لتأديبه فسام البيزنطيين ذلا وسلط المنجنيق على عمورية مسقط راس تيوفيل إمبراطور البيزنطيين وفتح أبوابها عنوة وعاد قرين العين منتصرا وإثناء عودته أحبط مؤامرة للعباس ابن أخيه المأمون ، وقد خلد أبو تمام قصة عمورية في قصيدته التي يقول فيها ( السيف أصدق أنباء من الكتب .. في حده الحد بين الجد واللعب) . ويمكن القول أن الانحلال بدا يدب أوصاله في الدولة العباسية بعد وفاة المعتصم إذ استفحل أمر الأتراك الذين تطاولوا على الخلفاء فذهبت هيبتهم ، وانتشر التمرد من الزنج والقرامطة وأخيرا السلاجقة الأتراك الذين صاروا أصحاب السلطة الحقيقية....الواثق أخر خلفاء العصر العباسي الأول ، حكم ست سنوات فقط، وهو الواثق بالله بن المعتصم أمه رومية الأصل تدعى قراطيس ، اعتمد نهج أبيه في الاعتماد على العنصر التركي ، ثار عليه القيسية في دمشق لكنه انتصر عليهم في معركة مرج راهط ، قضى على  الحجاز وبني مرة في عدن ، تمتع ولاة الأقاليم في عهده بنفوذ كبير فكان عبد الله بن طاهر بن الحسين يدير شئون خراسان وطبرستان وكرمان ، وأشناص التركي يدير أعمال ولاية الجزيرة والشام ومصر والمغرب ، فغيرهم بولاة من قبله أقاموا في سامراء  بعيدا عن ولاياتهم فانتشر الفساد والرشوة .. وسرعان ما توفى الواثق عام 132هـ لينتهي العصر الذهبي لهذه الخلافة ...

abbasi.jpg

من 132 إلي 656هـ كان الأتراك سببا رئيسيا في ضعف الخلفاء والخلافة العباسية فعملوا على قيام الإمارات الانفصالية المستقلة عن الدولة العباسية كالدولة الطولونية والإخشيدية ، ثم جاء بعدهم البويهيون الذين صاروا بأيديهم تولية الخليفة وعزله ثم عاد مرة أخرى النفوذ التركي ممثلا في السلاجقة الأتراك وحتى سقوط بغداد على يد المغول  ...واتصف العصر العصر العباسي الثاني  بانحسار سلطة الحكومة المركزية في بغداد عن كثير من أقاليم الدولة ، وطمع الولاة في ولاياتهم والاستقلال بها  ، كما قامت دول أخرى نافست الخلافة العباسية مثل الأمويين في الأندلس والفاطميين في مصر والشام ، وزادت سلطة الوزراء فصارت الوزارة بالتفويض أي إن الخليفة كان يفوض الوزراء تصريف أمور الدولة ، كما استقلت عدد من الولايات ولم يعد يربطها رابط بالدولة سوى الدعاء للخليفة على المنابر ، أضف إلي ذلك معاملة العباسين القاسية للعلويين والأمويين ، و المغالاة في الاعتماد على العناصر غير العربية من الفرس والترك ، وصعوبة السيطرة على أطراف الدولة الشاسعة للدولة ، وتعدد الثورات والفتن كما رأينا من الخوارج والمعتزلة والشيعة وسائر الأمصار ، إلي جانب تولية العهد لأكثر من واحد مما أدى إلي وقوع الخلافات والحروب بين أفراد البيت العباسي ..ثم نشأت دويلات وأخذت هذة الدويلات تدريجيا" تستقل في قلب الخلافة العباسية. فانفصلت في فترة لا حقة بلاد الشام( سوريا ولبنان وفلسطين) تحت حكم الطولونيين (872-905)م. وكان مؤسسها احمد بن طولون  .ثم تولى الاخشيديون الحكم في هذه المنطقة من العام (935-969)م. وكان مؤسسها ابو بكر محمد بن طغج الأخشيدي . والحمدانيون حكموا الموصل وشمال سوريا (905-1003)م.ينتسب الحمدانيون الى حمدان بن حمدون التغلبي ، جعلوا عاصمتهم حلب .ثم تغلب الفاطميون في افريقيا الشمالية على كرسي الحكم ،وانتزعوا حكم مصرو بلاد الشام( سوريا ولبنان وفلسطين)من الاتراك. وقد أبتدأ حكمهم في العام 909 مع عبد الله الذي اعلن انة المهدي المنتظر واسس عاصمة جديدة الى الجنوب الشرقي من مدينة القيروان دعاها المهدية . وفي عهد الخليفة السادس الحاكم بامر الله (996-1021 م)نشأت ملة جديدة في الاسلام هي الطائفة الدرزية.

islam.jpg

السلاجقة :ينتسب السلاجقة الى سلجوق وهو امير من بخاري. في سنة 462 هـ/1071م تحرك السلطان ألب ارسلان على رأس جيش كبير نحو بلاد الشام لاحتلالها تمهيدا" للسيطرة على مصر . لكنه اخفق في احتلال حلب بعد ان حاصرها مدة طويلة فقرر العودة الى خراسان ، وفي طريقة نحو خراسان وردتة اخبارا" عن تحرك جيش بيزنطي كبير بقيادة الامبراطور رومانوس دايجينوس فتصدى له وهزمه في موقعة ملاذكرت ووقع الامبراطور اسيرا"،لكنة عاد واطلق سراحه .وعاد ألب ارسلان الى خراسان حيث قتل سنة 465هـ/1072 م.فورثه ابنه ملكشاه .اصبح العالم الاسلامي الشرقي مقسوما" الى قسمين ،قسم يسيطر عليه الفاطميون وقسم يسيطرعليه السلاجقة .اصبح ساحل المتوسط منطقة تجاذب بين الولتين الفاطميه والسلجوقية.

وهذا ماأدى الى قيام امارات محلية في طرابلس وحلب وصور وفلسطين أبرزها امارة بني عمّارفي طرابلس.

وفي عهد ملكشاه نفذ السلاجقة أعمال تدمير كبيرة في بلاد الشام مما كان له الاثر الكبير في نجاح الصليبيين عندما وصلوا الى مشارف دمشق سنة 1098 م.وفي العام 1077 م .حاول فاطميوا مصر استعادة الساحل اللبناني وفتحوا صور وصيدا وجبيل ،لكن تاج الدولة خليفة ملكشاه استعاد هذة المدن وحلب .وخلفة مملوك آخر يدعى طغتكين ،وكان قائدا" للجيش .وبعد وفاته تزوج والدته (صفوة الملك) رجل من المماليك يدعى دقاق ، واصبح فيما بعد ملكا".ثم انتقل الحكم الى مماليك ملكشاه وعبيدة بني ارتق الذين استقلوا بحكم الساحل اللبناني و القدس بعدما استرجعوا حمص من الفاطميين . وبعد 13 سنة من حكمهم أي في العام 1097 بدأ الفرنج يحاولون السيطرة على الساحل الشرقي للبحر اللأبيض المتوسط .

slagka.jpg

 تاريخ الحروب الصليبية

مقدمة: لم تبدأ الحروب الصليبية يوم جندت أوروبا جيوشها وأرسلتها إلى الشرق تحت شعار تحرير المقدسات، والتي كانت تخفي وراءها مجموعة من العوامل والأبعاد لا تقلّ في أهميتها عن البعد الديني، ولم تنته هذه الحرب يوم تم تحرير القدس من قبل المسلمين، أو بالأحرى يوم طرد الصليبيون نهائياً من بلادنا. ذلك أن هذه العلاقة بين الشرق والغرب شهدت أطواراً متنوعة تبادل فيها كل طرف مهاجمة الآخر، والعمل على تطويعه، وما تزال عملية التجاذب هذه قائمة حتى يومنا هذا، حيث الغرب هو المهيمن.

   وبالعودة إلى فترة الحروب الصليبية فقد استمرت قرابة قرنين من الزمن شهدت بلادنا خلالها جولات من الصراع على غير صعيد، لاسيما العسكري منه أمعن فيها الفرنجة قتلاً وتشريداً وتدميراً وما إلى ذلك، ما خلف أفدح الأضرار في الشرق، ولم يتوقف المشهد عند هذا الحد بل تجاوزه إلى حركة الوعي والذاكرة، من خلال ما اختزنه كل فريق من صور عن الآخر، حيث ارتسمت في وعي الشرقي وذاكرتة، هذا في الوقت الذي تم الترويج فيه لصورة العربي والمسلم الغافل والجاهل، وفي وقتنا الراهن صورة الإرهابي والمجرم، وما إلى ذلك، في أكبر عملية تحريضية بهدف الاستيلاء على ثرواتنا وإخضاعنا لسياساته الفكرية والسياسية والاقتصادية، وبعبارة أوضح، أن نكون مجرد تابعين لسياساته.  ولعل المفارقة الأهم في هذا المجال تجلّت في فترة الحروب الصليبية في اقتباس الغرب المنتصر عسكرياً من معين الشرق على مختلف المستويات، لا سيما الجانب الفكري والعلمي،حيث كان الشرق هو المتفوق علمياً وحضارياً، ما جعل هذا التفاعل يشكل إحدى ركائز نهضة الغرب الحديثة.

 دوافع الحروب الصليبية وعوامل نجاحها :كان العالم الإسلامي قبيل فترة الحروب الصليبية يعاني من الفرقة والانقسام، ويعيش وضعاً سياسياً واقتصادياً وأمنياً صعباً، تتوزع مناطقه الولاءات ما بين الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية في القاهرة، والخلافة الأموية في الأندلس، فيما عاشت عدة مدن ومناطق في بلاد الشام تحت حكم عدد من الأمراء الضعفاء، أو الأمراء شديدي الدهاء، ممن لا يعرفون إلا مصالحهم الخاصة، بل لعله من أسوأ ما حدث في هذا الشأن، هو تحالف بعض أمراء الأقطار الإسلامية مع الغزاة الفرنجة وهم في طريقهم نحو احتلال أراضي العرب والمسلمين، فضلاً عن العوامل المذهبية التي كان لها دور بارز في زيادة حدة التوتر والانقسامات والمساهمة في تمزيق أوصال الدولة العربيةالإسلامية.
هذا ماكان عليه باختصار الواقع في عالمنا الإسلامي الذي شجع على استهدافه من قبل القوى الطامعة، ولكن يبقى السؤال: لماذا قام الغرب بغزو الشرق العربي والإسلامي؟ وما هي الدوافع والأسباب التي دفعته إلى القيام بهذه الخطوة؟ لا شك أن هذه العوامل لا يمكن حصرها بالعامل الديني، كما حاول البعض، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أن هذه الحروب ـ كما سيتبين ـ كانت نتيجةً لتفاعل عوامل متعددة دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية.
العامل الديني :لقد كانت التحوّلات الدينية في أوروبا من الأسباب الرئيسية لقيام الحروب الصليبية، ذلك أن كنيسة روما بعد اعتناق الفرنجة للنصرانية، غدت نداً للكرسي البطريركي في القسطنطينية، واختصت كنيسة روما دون غيرها بلقب البابا، ولعبت البابوية دوراً مهما في إقامة دولة الفرنجة الكارولنجية كمنافسة لإمبراطورية بيزنطة، ومن ثم أخذت البابوية تطمح إلى توحيد كنيستي الشرق والغرب تحت نفوذها، ولاحت الفرصة حين استنجد ميخائيل السابع بارابنيسز
Michael vll parapinaces ملك بيزنطة1071- 1078 م، بالبابا جريجوري السابع Gregory vll 1058ـ 1073م، يدعوه لإرسال حملة لإنقاذ آسيا الصغرى من الترك، فأسرع جريجوري السابع لتأليب ملوك الكاثوليك وأمرائهم، غير أن عجلة الصراع بين المسلمين والفرنجة قد توقفت بسبب النزاع بين الكنيسة وملوك أوروبا، حتى إذا ما عادت للبابوية قوتها بعد موت هنري الرابع Henri 1v""، تطلعت البابوية إلى تأسيس حكومة في الشرق تجمع بين السلطتين الزمنية والدينية، ولذلك حرضت البابوية على الحروب الصليبية، حيث اتخذ البابا أربانوس الثاني
urbanus ll" 1088
م ـ 1099 م ، المعروف بتعصبه ضد المسلمين عندما كان راهباً لدير كلوني، والذي غذّى حرب المسلمين في الأندلس، وادعى أن الحجاج المسيحيين يلاقون الاضطهاد والأذى أثناء زيارتهم إلى بيت المقدس، فاتخذ من ذلك ذريعة لحرب المسلمين، وكان هذا البابا يرى بأن وظيفة البابوية الأساسية هي القيادة العليا للحرب المقدسة، ثم إن الحروب الصليبية هي بمثابة سياسة البابوية الخارجية، فهي التي تديرها وتتحرك وفقها، والبابوات هم الذين نظموا الحرب ووجّهوها.
موقعة منازكرد:كشفت موقعة منازكرد 1071 م، التي انتصر فيها السلطان السلجوقي، ألّب أرسلان على الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينس، ضعف الممانعة البيزنطية في وجه السلاجقة، وأشعرت الغرب أن أبوابه أصبحت مفتوحة أمام المسلمين. وتشير المصادر التاريخية إلى أن سلطان السلاجقة عامل الأسرى، ومن بينهم الإمبراطور وقادته معاملة مرضية، فبعد مفاوضات طويلة دارت بينه وبين رومانوس، تم الصلح بينهما على أن يزوج الإمبراطور بناته الثلاث من أولاد السلطان، ويفتدي نفسه وجميع الأسرى بمليون دينار، ويدفع جزية سنوية قدرها 360 ألف قطعة ذهبية، ومهادنته لمدة خمسين عاماً. ساهمت هذه الهزيمة في إشعار الفرنجة بالمخاطر التي تحيق بهم، ما جعلهم يتهيأون الفرصة للأخذ بالثأر.
عوامل سياسية واجتماعية :كان الإقطاع يشكل الدعامة الأساسية للنظام السياسي والاجتماعي في أوروبا، حيث كان لكل إقطاعية محاربوها، وكانت هذه الإقطاعيات تخوض حروباً مدمرة فيما بينها، ما استنزف طاقاتها، وخلف وراءه مشاكل اجتماعية وسياسية قاسية، لذلك عمل الباباوات على توجيه الفرسان لقتال المسلمين بدلاً من الانصراف إلى الحروب الداخلية والمنازعات فيما بينهم ، أي تحويل تفاقم الخطر الداخلي وتنامي الأطماع والمكاسب إلى اتجاه خارجي.وقد التقت هذه السياسة بمطامع بعض الأمراء والنبلاء الذين لم تسمح لهم الظروف بتأسيس إمارات لهم في أوروبا، حيث كان النظام الإقطاعي الأوروبي يسمح للولد الأكبر بأن يرث كل أملاك أبيه دون أخوته الباقين، فرغب هؤلاء بإنشاء إمارات لهم في المشرق العربي الاسلامي، وما عزز هذا الاتجاه الانتصارات التي حققها الفرنجة على العرب والمسلمين في الأندلس آنذاك، حيث احتلوا كثيراً من أراضيهم، وسيطروا على بعض المواقع العربية في جزر البحر الأبيض المتوسط. كما يشير بعض المؤرخين إلى أن بعض هؤلاء الأمراء والفرسان وجد في الحروب الصليبية إشباعاً لنزعة وروح المغامرة التي سيطرت على الحياة الخاصة والعامة ، لاسيما وأن حركة الترجمة بدأت تنشط في العالم، واطلع الغربيون على ما يسود الشرق الإسلامي من رخاء وثروات وكنوز شكلت مطمعاً لهم للحصول عليها ، في الوقت الذي كانت فيه أعداد كبيرة من فقراء أوروبا، وبعض الرهبان، أو المجرمين أو الملاحقين قضائياً، تجد في زيارة الأماكن المقدسة في فلسطين تكفيراً عن ذنوبها وخطاياها، أو مأوى لها هرباً من الكنيسة، أو الأسياد الإقطاعيين .
العامل الاقتصادي :رغبة التجار الأوربيين، ولاسيما تجار المدن الإيطالية (البندقية ، جنوه ، بيزا)، في السيطرة على منتجات المنطقة العربية، وتأسيس متاجر ومستودعات تجارية فيها. وفي الوقت الذي كانت التجارة مزدهرة، كان عدد قليل من التجار الأثرياء يتقاسمون النفوذ والسلطة مع عدد من الأمراء والنبلاء والإقطاعيين، في حين كان سواد المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى يعيش حياة ملؤها البؤس والشقاء في ظل نظام إقطاعي مستبدّ.يضاف إلى هذه العوامل، حدوث حالات القحط والجفاف التي ضربت بعض المواقع في أوروبا، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض والمجاعات، ودفع بالبسطاء والفقراء للاشتراك في تلك الحروب لقاء مأكلهم ومشربهم وملبسهم.
العامل اليهودي :ومن جانبه، يربط د. محمود عطا الله بين يهود أوروبا وتجهيز الحملات الصليبية بقوله: "كانت مصالح أصحاب رؤوس الأموال من يهود أوروبا تتوافق مع مصالح الأمراء الإقطاعيين الأوروبيين الذين كانوا يطمعون في السيطرة على العالم عنوة، لذا دعم هؤلاء اليهود فكرة توجيه حملة صليبية إلى الشرق بكل قواهم وإمكاناتهم المتاحة، فقاموا بالدعاية لها عن طريق إقناع المترددين بالاشتراك فيها، وفتحوا خزائنهم على مصاريعها لتجنيد المحاربين، ورشوة المتخاذلين، وذلك لأنهم رأوا فيها الفرصة الذهبية المواتية التي تتيح لهم تقديم القروض الربوية إلى زعماء الحملات وأمراء المقاطعات والبارونات وسلطات الكنيسة ذاتها، بقصد إغراقهم في الديون والمتاجرة بالعتاد، يضاف إلى ذلك تحقيق أهدافهم الاستراتيجية المتمثلة في إضعاف قوة الإسلام والمسيحية معاً ، لا سيما وأن (العهدة العمرية) التي أعطيت لنصارى القدس ، بناءً على طلبهم، " منعت أي تواجد لليهود في القدس ".
دحض المزاعم حول الاضطهاد الديني :وهكذا يتبين أن العوامل التي أفضت إلى قيام الحروب الصليبية متنوعة، ولا يمكن حصرها بالعامل الديني فحسب، ما يودحض تلك الافتراءات المزعومة حول الاضطهاد الديني الذي تعرَّض له (النصارى) أثناء زياراتهم للأماكن المقدسة المسيحية في بيت المقدس وفلسطين بعامة، وقد جاء في كتاب " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" لصاحبه المقدسي الذي عاش في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، وصفاً لحال "أهل الذمة" في القدس بأنها: "كثيرة النصارى"، وفي مكان آخر يقول: " قد غلب عليها النصارى واليهود"، ما يدلل على أنهم كانوا معززين مكرَّمين . .
أما الرحَّالة الفارسي (ناصر خسرو / 453 هـ 1061 م) وكان قد زار فلسطيين والقدس قبل الغزو والاحتلال الصليـبي لها بأربعين عاماً، فإنه قال: "إن الحجاج النصارى كان بوسعهم أن يدخلوا إلى الأماكن المقدسة بكامل حريتهم". ولم يغفل الكتَّاب المحدثون أيضاً الإشارة إلى الامتيازات التي تمتع بها النصارى في فلسطين، فقد بيَّن الأستاذ (رئيف ميخائيل الساعاتي) في مقال نشره في مجلة (الراعي الصالح): "أن النصارى كانوا أخواناً للمسلمين في اللغة والوطنية، وأن خلفاء المسلمين كانوا يسندون الى أصحاب الكفايات والمؤهلات منهم الوظائف العالية ". وبيَّن أيضاً: "أن الاضطهادات التي أصابتهم في بعض الفترات المحدودة نسبياً ـ إزعاجات من بعض السلاجقة أو زمن الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي غريب الأطوار ـ تعود إلى انحراف بعض الحكام الذين لم ينج المسلمون أنفسهم من أذاهم وتعدياتهم"، كما أكد ذلك أيضاً الأستاذ "أمير سيد علي" في كتابه "مختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامي " ..
ولعل في ما كتبه وتنبه إليه الكتاب والمؤرخون الغربيون بهذا الشأن أقوى شاهد ودليل على بطلان مزاعم الاضطهاد الديني، فهذا الكاتب "جاي لي سترانج" يقول: "يجدر بنا أن نعترف أن المسيحيين لم يكونوا بمضطهدين ذلك الاضطهاد الذي اتخذوه سبباً لحملاتهم الصليبية"، ولا ريب أن أحداً لا يستطيع نكران فضل (العهدة العمرية) التي أعطاها الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب (18 هـ) لدى فتح بيت المقدس للمسيحيين النصارى، والتي أرست لمن خلفه قواعد التعامل معهم في القدس وسائر الأمصار على أساس" الأمان لأنفسهم، وأموالهم وكنيستهم، وصلبانهم ... فلا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صلبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم".
ويذهب الباحث وليد الخالدي إلى أبعد من ذلك، حيث يرى أن الخلاف في العهود الإسلامية حول الأماكن المقدسة في القدس، لم يكن في الحقيقة خلافاً بين السلطة الحاكمة والجاليات المسيحية، ولا كان بين هذه السلطة والجالية اليهودية، بل كان بين الجاليات المسيحية ذاتها (الأرثوذكسية/الكنيسة الشرقية) و (اللاتينية/الكنيسة الغربية)، وكان دور السلطة الإسلامية الحاكمة طوال تلك القرون دور الحكم بين الكنائس المسيحية المتنازع على حقوقها في الأماكن المقدسة. وأدت السلطة الإسلامية دورها بالإشراف على نظام اصطلح على تسميته (الستاتيكون، الوضع الراهن) وهو عبارة عن مجموعة من الأعراف والتقاليد حول تلك الحقوق، تراكمت برضا واعتراف الكنائس المحلية والدول الأوروبية الراعية، أدارتها السلطة الإسلامية لضبط الخلاف حول الأماكن المقدسة المسيحية.
الأسباب المباشرة (الاستعدادات للحملة) :أما عن الأسباب المباشرة للحملات الصليبية، فهي إضافة إلى الثأر من الهزيمة في معركة (منازكرد)، ما أثاره (بطرس الناسك) الراهب الفرنسي الأصل، الذي جاء لزيارة "بيت المقدس"، وزعم أنه أسيئت معاملته مع غيره من الزوّار ، وفور عودته إلى بلاده، مر بروما وقابل البابا (أوربان الثاني ) ودعاه الى إنقاذ الأماكن المقدسة. ثم أخذ يجوب ألمانيا وفرنسا وبلجيكا محرضاً الجماهير في خطبه على الزحف لإنقاذ "قبر المسيح"، فكان لتلك الخطب النارية وتشجيع البابا لهذه الحركة أثر كبير في قلوب الناس.وكانت أولى ثمار هذا التحرك انعقاد مؤتمر كليرمونت في تشرين الثاني 1095م برئاسة البابا، وكان له تأثير كبير في الدعوة للحروب الصليبية ورعايتها، فعمل على المقاربة وإزالة الخلاف بين الكنيستين الشرقية (البيزنطية) والغربية (اللاتينية)، إذ رفع قرار الحرمان الذي كان موقعاً من الإمبراطور البيزنطي. كما أعطى هذا البابا توجيهاته للأمراء ورجال الدين وكبار التجار الإيطاليين المشاركين في " مجمع كلير مونت "، بأن يحيك كل محارب صليباً من القماش الأحمر على ردائه الخارجي من ناحية الكتف، رمزاً للفكرة التي خرج ليحارب من أجلها، وكان قد تم تحديد سنة 1097 م موعداً للحملة الصليبية الأولى.         

 

almoah.jpg

دولة المرابطين

تأسست هذه الدولة في المغرب الأقصى سنة 453هـ بزعامة ? يوسف بن تاشفين اللمتوني (نسبة إلى قبيلة لمتونة البربرية) وكان رجالها يشدون اللثام (النقاب) على وجوههم فعرفوا بالملثمين. وقد لبى يوسف بن تاشفين دعوة المعتمد بن عباد ملك إشبيلية, ليصد عنه عدوان ألفونسو السادس ملك قشتالة فاجتاز البحر إلى الأندلس سنة 479هـ على رأس جيوش من البربر وتمكن من هزم الملك الإسباني في وقعة شهيرة جرت في سهل (الزلاقة).

الموحدون

تنتسب هذه الدولة إلى محمد بن تومرت, من قبيلة (زناتة البربرية) وموطنها في الجنوب الشرقي من المغرب الأقصى. وكان ابن تومرت قد دعا إلى مذهب التوحيد فعرف أصحابه بالموحدين وتلقب بالمهدي, ولما توفي سنة 524هـ خلفه في دعوته تلميذه المقرب إليه عبد المؤمن بن علي, فأخذ يغير على المرابطين وتمكن في عام 541هـ من الاستيلاء على مدينة مراكش وأزال دولة المرابطين في المغرب الأقصى وأقام دولة للموحدين. وقد اشتدت قوة الموحدين في عهد ابنه أبي يعقوب يوسف الأول. ففي عام 567هـ اجتاز البحر إلى الأندلس وأخضع بها من ظل مواليا للمرابطين كابن مردنيش وابن غانية. ولما توفي سنة 580هـ خلفه ابنه أبو يوسف يعقوب المنصور وفي عهده بلغت دولة الموحدين أوجها في العز والمنعة, فقد اجتاز البحر إلى الأندلس عدة مرات صد فيها عدوان الإسبان وكان آخرها عام 591هـ في الوقعة التي هزم فيها ألفونسو الثامن هزيمة منكرة وعرفت بوقعة (الأرك) وأحيا فيها وقعة الزلاقة التي جرت من قبل عام 479هـ. ولما توفي أبو يوسف يعقوب المنصور سنة 595هـ خلفه ابنه الناصر لدين الله محمد وفي عهده أخذت دولة الموحدين في الانهيار, فقد اشتبك مع الإسبان في معارك هزم فيها وكان أشدها وقعا تلك التي جرت سنة 609هـ والتي عرفت بوقعة (العقاب) وتتابعت هزائم الموحدين بعدها في عهد أخلافه منها هزيمة وقعة (أبي دانس) سنة 614هـ. ولم يطل عهد الموحدين بعد ذلك فقد استولى بنو مرين على دولتهم سنة 668هـ في عهد آخر ملوكهم إدريس الملقب بأبي دبوس.

دولة بني مرين

تنتسب هذه الدولة إلى مؤسسها عبد الحق المريني من قبيلة زناتة البربرية, المقيمة في منطقة (سجلماسة) بالمغرب الأقصى. ففي عام 610هـ تحول عبد الحق بقبيلته إلى بلاد الريف منتجع وأخذ يغير على مناطق الموحدين والتقى معهم سنة 612هـ في معركة هزمهم فيها وتوالت بعد ذلك هزائم الموحدين حتى تم لبني مرين إزالة دولتهم سنة 668هـ وقد امتدت دولة بني مرين في المغرب الأقصى إلى سنة 875هـ.

دولة بني زيان من بني عبد الواد

تنتسب هذه الدولة إلى مؤسسها أبي يحيى يغمراسن بن زيان العبدوادي, من بني زيان بتلمسان. ففي عام 633هـ استقل يغمراسن بتلمسان واشتملت دولته على إفريقية الوسطى (الجزائر) وخضعت بضع سنين للسيادة المرينية وامتد عمرها حتى استولى عليها العثمانيون سنة 962هـ.

دولة الحفصيين

تنتسب هذه الدولة إلى أبي حفص عمر بن أبي زكريا يحيى الهنتاتي, وكان أبو زكريا من عمال دولة الموحدين بتونس ثم استقل عنها سنة 625هـ, وقامت بين أخلافه خصومات انقسمت بسببها الدولة سنة 681هـ إلى دولتين: دولة في تونس ودولة في (بجاية) بالمغرب الأوسط, وامتدت إلى أن استولى عليها العثمانيون سنة 941هـ.

Back to Top

لمعرفة رأيكم وملاحظاتكم نرجوا مراسلتنا على البريد الالكتروني

KFARKELA_MJ@YAHOO.COM

 

KFARKELA@HOTMAIL.COM

KFRKELA@YAHOO.COM