التشكيلات
السياسية والعسكرية الصهيونية
قبل
العام 1948
أولاً: التشكيلات
السياسية:
أحباء
صهيون: (1)
أحباء
صهيون أو هواة صهيون،
ترجمة للاسم العبري "حوفيفي
تسيون" وهو اسم يطلق على
جمعيات صهيونية نشأت
في روسيا سنة 1881 بعد صدور
قوانين أيار التي فرضت
قيوداً على الأقلية اليهودية
هناك بين عامي 1881ـ1883، وعلى
حركة المهاجرين اليهود
من روسيا وبولونيا ورومانيا
إلى فلسطين (الهجرة الأولى
1881ـ1904). وكان هدف حركة أحباء
صهيون محاربة اندماج
اليهود في المجتمعات
التي يعيشون فيها، و"العودة
إلى صهيون". وقد اتخذت لها
شعاراً "إلى فلسطين" ودعت
إلى الاستعداد للهجرة
لشراء الأراضي فيها،
ومساعدة الاستيطان اليهودي
هناك. وكانت حركة أحباء
صهيون همزة الوصل بين
ما أطلق عليه "طلائع" الصهيونية
في منتصف القرن التاسع
عشر وبداية الصهيونية
السياسية مع ظهور تيودور
هرتزل وانعقاد المؤتمر
الصهيوني الأول في سنة
1897.
وقد
سبق هذه الحركة أفكار
ومشاريع مختلفة من جانب
أشخاص فرادي، مثل الحاخام
تسفي هيرش كليشر ويهوداً
الكلعي وموشي هيس، والأدباء
دافيد غوردون وبيرتس
سمولينسكين واليعيزر
بن يهودا وآخرين. كما قامت
في تلك الفترة أيضاً جمعيات
يهودية تعمل من أجل الاستيطان
في فلسطين أطلقت عليها
في البداية أسماء مختلفة.
وكان القاسم المشترك
بينها فكرة أنه لا خلاص
لليهود في أماكن وجودهم،
والحل هو العودة إلى "صهيون".
وقد
انتشرت حركة أحباء صهيون
بين اليهود في روسيا ورومانيا
وغربي أوروبا والولايات
المتحدة الأمريكية، وإن
كان بعض أعضائها قد راودتهم
المخاوف من الشك في وطنيتهم
ومن ازدواج الولاء. وكان
يغلب على الحركة في دول
أوروبا الوسطى والغربية
طابع ثقافي نظري، غير
أنها ساهمت بدور كبير
في مكافحة الاندماج،
ووضعت الأساس للحركة
الصهيونية السياسية وظهور
هرتزل على منبر الصهيونية.
وحاولت
الحركة صياغة أفكارها
صياغة علمية، وإعطاءها
صفة قومية: حلم التخلص
من المنفى، بعث الحياة
القومية، الثقافة العبرية،
العودة إلى الأرض والطبيعة،
إقامة حياة اقتصادية
لها جذورها في التربة
لوضع نهاية التجول اليهودي
في العالم.
وتطورت
حركة أحباء صهيون على
يد ليو بنسكر في كتابه
"التحرر الذاتي" ليؤكد
أن اليهود ليسوا جماعة
دينية فقط بل هم أمة مستقلة
بذاتها، وخلاصهم من حياة
الاضطهاد لا يكون إلا
بتحرير أنفسهم بأنفسهم
باستقلالهم في أرض يعيشون
فيها عيشة قومية حرة،
ولم تكن هذه الأرض بالضرورة
فلسطين.
ومع
ظهور هرتزل وإقامة المنظمة
الصهيونية العالمية،
انضمت معظم جمعيات أحباء
صهيون ونشيطوها إلى الحركة
الصهيونية. وواصل أحباء
صهيون نشاطهم العملي
في إقامة المستعمرات
في فلسطين، وتقديم المساعدات
للمدارس العبرية وغير
ذلك. وفي سنة 1900 سافر وفد
خاص من أحباء صهيون برئاسة
آحاد هاعام إلى فلسطين
لبحث وضع المستعمرات
هناك. كما اقترح وفد آخر
على البارون روتشيلد
إلغاء وصاية الموظفين
على اليشيوف اليهودي
في فلسطين، وإدخال تغييرات
في إدارة شؤون المستعمرات.
وقدم أحباء صهيون مساعدات
للمستعمرات القائمة،
وشجعوا وساعدوا في إقامة
مستعمرات أخرى جديدة.
كما هاجر كثيرون منهم
إلى فلسطين، وأقاموا
مستعمرات ريشون لتسيون
في آب 1882، وروشبينا بعد عدة
أسابيع، ثم تلتها في العام
نفسه مستعمرة زمارين
التي أطلق عليها فيما
بعد اسم زخارون يعقوب،
تخليداً لوالد البارون
روتشيلد، بعد أن تعهد
بتقديم المعونة المالية
لها. كذلك أقيمت مستعمرة
يسود هامعلا غربي بحيرة
الحولة في شمال فلسطين.
وبلغ مجموع ما صرفته جمعيات
أحباء صهيون على إقامة
المستعمرات الصهيونية
في فلسطين حتى نهاية الهجرة
الأولى، سنة 1903، نحو 87 ألف
جنيه إسترليني.
المنظمة الصهيونية
العالمية:(2)
نجحت
جهود هرتزل في عقد المؤتمر
الصهيوني الأول الذي
افتتح أعماله في مدينة
بال (بازل) بسويسرا في 29/8/1897،
ولقد أسفر ذلك المؤتمر
عن تحقيق أمرين رئيسين
هما:
1. وضع
البرنامج الصهيوني المعروف
ببرنامج (بازل).
2. إقامة
المنظمة الصهيونية العالمية
لتنفيذ البرنامج الموضوع
الذي نص على: "أن هدف الصهيونية
هو إقامة وطن قومي لليهود
في فلسطين يضمنه القانون
العام".
ونجحت
المنظمة في تأسيس "الصندوق
القومي اليهودي" (الكيرين
كايميت) عام 1901، ونجحت في
نهاية عام 1901 في إنشاء بنك
صهيوني عرف بإسم "صندوق
الائتمان اليهودي للاستعمار"
الذي تفرعت عنه بنوك أخرى
هدفها جميعاً تمويل النشاطات
والمشاريع الصهيونية.
بعد
انتهاء الحرب العالمية
الأولى أعيد تنظيم وتطوير
المنظمة، لاسيما في مجال
استكمال الجهاز المالي،
بتأسيس "الصندوق التأسيسي
لفلسطين" (الكيرين هايسود)
المختص بنشاطات الهجرة
والاستيطان.
ضعضع
نشوب الحرب العالمية
الثانية في عام 1939 أوضاع
المنظمة الصهيونية. ولكنها
نجحت مع ذلك في تنفيذ برامجها
بصورة فعالة، ولقد نجحت
المنظمة الصهيونية ـ
بفضل الدعم والتشجيع
البريطاني والأمريكي
رغم النضالات الفلسطينية
ـ في زيادة عدد اليهود
في فلسطين من 80 ألفا ـ أي
ما يعادل 11.1% من مجموع السكان
ـ في عام 1922 إلى 650 ألفا ـ أي
ما يعادل 33.3% من مجموع السكان
ـ في عام 1948.
ومع
تسارع التطورات السياسية
في الأمم المتحدة وفلسطين
بعد عام 1947 قامت المنظمة
الصهيونية بتأسيس "مجلس
وطني" كان برلماناً للدولة
الصهيونية القادمة، و"إدارة
وطنية" كانت حكومة للدولة
المرتقبة.
جمعية الاستعمار
اليهودي:(3)
تأسست
جمعية الاستعمار اليهودي
عام 1891 على أنها جمعية خيرية
يهودية هدفها "مساعدة
وتطوير عملية تهجير اليهود
الفقراء والمحتاجين من
أي مكان في أوروبا وآسيا
حيث يعانون القهر والحرمان
من الحقوق السياسية،
إلى أي مكان آخر في العالم
حيث يمكنهم التمتع بحقوق
الإنسان". وقد تأسست بمبادرة
من البارون موريس دو هرش،
وهو مصرفي ورجل أعمال
يهودي من أصل ألماني كان
يعيش في فرنسا مختلطاً
بالأوساط الاحتكارية
والاستعمارية التي كانت
تقف وراء المشروع الصهيوني،
وكان واجهة يهودية لها.
سجلت
الجمعية عام 1893 في لندن كشركة
مساهمة رأسمالها الأولى
مليونا جنيه إسترليني
رفع فيما بعد إلى ثمانية
ملايين جنيه إسترليني.
وتشكل مجلس إدارتها من
الشخصيات اليهودية المرتبطة
بالاحتكارات الرأسمالية
في بريطانيا وبلجيكا
وفرنسا وألمانيا برئاسة
البارون دو هرش. وكان من
أبرز أعضاء مجلس إدارتها
البارون إدموند دو روتشيلد
الذي تولى بين عامي 1886 و1890
الإشراف على شؤون المستعمرات
اليهودية التي أقيمت
في فلسطين، وأقام إدارة
خاصة لهذا الغرض تحت إشرافه
اتخذت من مدينة الخليل
مقراً لها.
حاولت
جمعية الاستعمار اليهودي
في أول الأمر إسكان اليهود
المهاجرين من روسيا وشرقي
أوروبا في مستعمرات زراعية
في أمريكا الشمالية والجنوبية،
وخاصة في الأرجنتين حيث
حصلت على 750 ألف هكتار من
الأراضي استغلت 500 ألف هكتار
منها في إسكان نحو 3500 عائلة
يهودية من مهاجري شرقي
أوروبا يراوح عدد أفرادها
ما بين 35 و40 ألف نسمة.
بدأ
نشاط جمعية الاستعمار
اليهودي في فلسطين منذ
عام 1896 حين حلت محل إدارة
روتشيلد في الإشراف على
المستعمرات اليهودية
التي كانت قائمة في فلسطين
آنذاك، وأنشئ لهذا الغرض
صندوق تحت إشراف دو هرش
برأسمال مقداره 15 مليون
فرنك فرنسي. وأخذت الجمعية
تقدم المساعدات لهذه
المستعمرات على شكل قروض،
وبدأت تشتري الأراضي
وتقيم مستعمرات يهودية
جديدة في فلسطين منذ عام
1900، فأقامت عدداً من المستعمرات
في منطقة الجليل الأدنى
الشرقي ومنطقة طبرية.
استمرت
الجمعية في نشاطها هذا
حتى عام 1923، إذ أصبحت تعمل
تحت اسم "جمعية الاستعمار
اليهودي في فلسطين ـ بيكا"،
وبدأت تنسق جهودها في
مجال الاستيطان مع مؤسسات
الوكالة اليهودية "والمنظمة
الصهيونية العالمية"،
ثم عادت إلى العمل بشكل
مستقل منذ عام 1929.
ومنذ
قيام (إسرائيل) ركزت جمعية
الاستعمار اليهودي في
فلسطين جهودها في مشاركة
الحكومة الإسرائيلية
والوكالة اليهودية في
الأعمال الاستيطانية،
فساهمت حتى عام 1968 في إنشاء
وتقوية 41 مستعمرة. كما قدمت
مساهمة لتشجيع الأبحاث
الزراعية في الجامعة
العبرية ومعهد وايزمن
للعلوم. ولتحسين التدريب
الزراعي في مدارس "مكابي
إسرائيل" الزراعية وغيرها،
وتشارك الجمعية كذلك
في أعمال جمعيتي "هياس"،
و"جوينت" اليهوديتين الأمريكيتين
اللتين تتوليان تقديم
المساعدات لليهود المرتدين
عن الهجرة إلى (إسرائيل)،
ولاسيما يهود الاتحاد
السوفيتي، وتساعدانهم
على دخول الولايات المتحدة.
الحالوتسيم:(4)
"الحالوتسيم"
كلمة عبرية تعني "رواد"
أو "طلائع"، ومفردها "حالوتس".
وقد أطلق المؤخرون الصهيونيون
هذه التسمية على تيار
من مهاجري الهجرة الثانية
(1904ـ1914) من الشبان الصهيونيين
المتحمسين الذين قدموا
إلى فلسطين ليصبحوا عمالاً
زراعيين في المستعمرات
الصهيونية. وكان كثير
من هؤلاء المهاجرين ـ
حسب المصادر الصهيونية
ـ أعضاء في جماعات ثورية
روسية تأثروا بالأفكار
الراديكالية والاشتراكية
التي كانت مألوفة في أوساط
المنظمات السياسية المختلفة
في روسيا آنذاك. ويقال
إن دوافع تكوين هذا التيار
ترجع إلى أحداث سنة 1905 في
روسيا، والاضطرابات ضد
اليهود، وخيبة أمل قسم
من الشباب اليهودي بإمكان
حل مشكلة اليهود في المهجر.
ويفترض المؤرخون الصهيونيون
أن الحالوتس، أو الرائد،
شخص تتجسد فيه مجموعة
من العوامل المشتركة
أو لها عنصر التضحية بالذات،
فهو على استعداد لحرمان
نفسه والعيش حياة الزاهد
الناسك. وليس هذا الحرمان
من أجل الحرمان نفسه،
وإنما من أجل القيام بواجب
مهم للجماعة. ويتمثل العنصر
الثاني في الاهتمام الشديد
بالأعمال الزراعية، أو
العمل اليدوي بصفة عامة.
وهذا العنصر أمر جوهري
في خلق إنسان يهودي جديد
عن طريق العمل الجسماني.
وثالث
العناصر هو إحياء اللغة
والثقافة العبريتين.
ويرتبط بهذا ارتباطاً
وثيقاً التركيز على المساهمة
الفعالة في أوجه النشاط
الاجتماعي وفي حياة المجتمع.
وكان
هذا المزيج من العناصر
المختلفة هو الذي هيأ
الجوانب الديناميكية
لصورة الرائد. فقد نادى
الحالوتسيم برفض حياة
اليهود فيما سموه "الدياسبورا"
أو الشتات، وبرفض اندماج
اليهود في مجتمعاتهم
الأصلية، وبالتمسك بفكرة
العمل الذاتي وبعودة
يهود العالم إلى فلسطين.
توجز
أهداف الحالوتسيم في
ثلاثة أمور: أرض عبرية،
وعمل عبري، ولغة عبرية.
وقد برزت في تلك الفترة،
أي فترة الهجرة الثانية
التي كان الحالوتسيم
في عدادها، الدعوة إلى
احتلال الأرض وممارسة
العمل العبري. وساهم الحالوتسيم
في ظهور فكرة الحراسة
الذاتية للمستعمرات الصهيونية
في فلسطين، ولهذا ارتبطت
هذه الريادة بمزارع الكيبوتز،
وهي الفكرة التي كانت
نواة للتنظيمات العسكرية
الصهيونية التي نشأت
في فلسطين ابتداء من منظمة
هاشومير سنة 1909، ومنظمة
الهاغاناة سنة 1921، وغيرها
من المنظمات العسكرية
التي انبثق منها سنة 1948 الجيش
الإسرائيلي.
الكيرين كاييميت: (5)
الكيرين
كاييميت هو الصندوق الدائم
(لإسرائيل) أو الصندوق
القومي اليهودي. وقد اقترح
تأسيسه عالم الرياضيات
اليهودي هرمان شابيرا
عام 1884 وعرض الاقتراح على
المؤتمر الصهيوني الأول
(1897) إلا أن الموافقة عليه
لم تتم إلا في المؤتمر
الصهيوني السادس (1903). وقد
نص قرار إنشائه على حصر
استخدام أمواله في استملاك
الأراضي أو أية حقوق فيها
في المنطقة التي تضم فلسطين
وسورية وأية أجزاء أخرى
من تركيا الأسيوية وشبه
جزيرة سيناء بهدف توطين
اليهود فيها بحيث تعتبر
هذه الأراضي ملكاً أبدياً
لليهود لا يجوز بيعها
أو التصرف بها عن غير طريق
تأجيرها.
كانت
فيينا المقر الأول لهذا
الصندوق. وأنشئت له فروع
في مختلف أنحاء العالم،
ثم اتخذ من مدينة كولن
الألمانية مقراً له. وفي
عام 1907 تم تسجيل الصندوق
كشركة بريطانية. ومع اندلاع
الحرب العالمية الأولى
نقل مقره إلى مدينة هاغ
البولندية. وفي عام 1922 نقل
المكتب الرئيس للصندوق
إلى القدس.
وكانت
حصيلة نشاطاته حتى نهاية
عام 1947 امتلاك أراض مساحتها
933,000 دونم من أصل 1,734,000 دونم كان
يمتلكها اليهود في فلسطين
آنذاك، أي ما يساوي 6.6% من
مساحة فلسطين الكلية
البالغة 26,305,000 دونم. أعادت
الكنيست في مطلع 1954 صياغة
البند المتعلق بمنطقة
عمل الصندوق فحصرتها
في الأراضي الخاضعة لقوانين
حكومة (إسرائيل). ثم جرى
تعديل مهام الصندوق فحولت
من شراء الأراضي إلى استصلاحها
وتشجيرها والمساعدة على
استيعاب المهاجرين الجدد
وتوفير فرص العمل والخدمات
الصحية لهم، والإسهام
في بناء قرى الناحال بالتنسيق
مع الجيش، وتمويل التعليم
الصهيوني في (إسرائيل)
وخارجها.
وفي
آب 1961 وقعت اتفاقية لتنظيم
علاقة الصندوق بالحكومة
الإسرائيلية حددت فيها
مهامه ومصادر تمويله،
وهي تبرعات يهود العالم
وريع العقارات المؤجرة.
الكيرين هايسود: (6)
هو
الصندوق التأسيسي الذي
أقره المؤتمر الصهيوني
المنعقد في لندن (تموز
1920) إنشاءه بغرض استعمار
فلسطين.
يعود
التفكير الفعلي في مثل
هذا الصندوق (الشركة) إلى
تاريخ صدور وعد بلفور
في 2/11/1917 فقد تأسس على أثر هذا
الإعلان "صندوق تحضيري"
جمع 130,000 جنيه إسترليني في
سنتين. ولكن الصندوق التأسيسي،
أو "الكيرين هايسود"، هذا
لم يتشكل فعلياً إلا في
المؤتمر الصهيوني العالمي
الذي انعقد في لندن.
وكان
الهدف من تأسيسه جمع الأموال
لتمويل الهجرة والاستيطان
في فلسطين باعتبارهما
الوسيلة الرئيسة لتطوير
البلاد واستعمارها باتجاه
خلق (الوطن القومي اليهودي).
وعلى هذا اعتبر التبرع
للكيرين هايسود ضريبة
سنوية إلزامية ملقاة
على عاتق كل يهودي. ونيط
أمر انتخاب إدارة الصندوق
رسمياً بالمنظمة الصهيونية
العالمية ومن بعدها بالوكالة
اليهودية. ومن هنا صب هذا
الصندوق ما يجمعه من الأموال
في مؤسستي الهستدروت
والوكالة اليهودية. بل
إن هذا الصندوق كان اليد
اليمنى في جمع النقود
لحساب الوكالة اليهودية.
فقد بدأ الجمع الفعلي
منذ نهاية عام 1921 وسمي المشروع
آنذاك "صندوق الإنقاذ"
الذي تمكن من جمع 760 ألف جنيه
إسترليني.
وقد
أطلق على هذا الصندوق
اسم "الجباية اليهودية
الموحدة". ومنذ الحرب العالمية
الثانية قام هذا الصندوق
بإنشاء 203 مستعمرات زراعية
كانت تمتد على مساحة 661 ألف
دونم ويسكنها 77 ألف نسمة.
وأنشأ شركات مياه الأقاليم
وشركة المياه القطرية
"مكوروت" وساهم في تطوير
ميناء تل أبيب وشركة الملاحة
"تسيم" وشركة الطيران التي
أطلق عليها في البداية
اسم "أفيرون" ثم أصبح اسمها
"إل عال". ويضاف إلى ذلك كله
مساهمات الصندوق الأخرى
في شركة الكهرباء وشركة
البوتاس وغيرهما. فضلاً
عن تمويل التعليم والصحة
والعمل الاجتماعي في
المستعمرات عن طريق الوكالة
اليهودية.
يعد
الكيرين هايسود أكبر
مؤسسة يهودية لجباية
الأموال في العالم. وتدل
الأرقام على أهميته وعلى
نشاطه الكبير في مجال
الجباية قبل قيام إسرائيل
وبعده، فقد جمع الكيرين
هايسود حتى عام 1948 ما قيمته
26,716,000 جنيه إسترليني، ثم جمع
بعد قيام (الدولة) ما قيمته
1.620,000,000 دولار (92% من مجمل ما جمعه
منذ التأسيس).
المجلس الوطني اليهودي: (7)
المجلس
الوطني اليهودي (المعروف
بفاعد لئومي أو اللجنة
القومية)، هو المجلس الذي
قام بدعم الوجود الصهيوني
في فلسطين خلال الفترة
الممتدة بين تاريخ إنشاء
المجلس في 10/10/1920، وإقامة الحكومة
المؤقتة (لإسرائيل) في
أيار 1948.
ورغم
أن هذا المجلس الوطني
اختير عام 1920 من قبل أول
جمعية منتخبة للييشوف
واعترف به ممثلاً رسمياً
لها بموجب رسالة من أول
مندوب سام بريطاني (هربرت
صموئيل)، فإنه لم يحصل
المجلس على مركز قانوني
رسمي إلا في 1/1/1928 عندما أسس
"كنيست إسرائيل" قانونياً
في ظل مرسوم تنظيم الجماعات
الدينية لعام 1926.
وقد
تعاون المجلس بشكل وثيق
مع الوكالة اليهودية
التي كانت مسؤولة عن رسم
السياسة العامة للهجرة
والاستعمار الاستيطاني،
والتطور الاقتصادي والشؤون
العسكرية لليهود.
وقد
مثل المجلس الوطني المستوطنين
الصهيونيين في علاقاتهم
بالسلطة المنتدبة وعالج
المسائل الداخلية التي
أنيطت به من قبل الوكالة
اليهودية، كذلك مثل المجلس
الوطني يهود فلسطين أمام
لجنة الانتدابات التابعة
لعصبة الأمم، وأمام كثير
من لجان التحقيق وتقصي
الحقائق التي أرسلت إلى
فلسطين بما فيها لجنة
الأمم المتحدة التي اقترحت
تقسيم البلاد عام 1947.
وتتمثل
الأهمية التاريخية للمجلس
الوطني اليهودي في أنه
حدد معالم النشاط الصهيوني
لإقامة دولة على أراضي
فلسطين العربية من خلال
برنامج سياسي اقتصادي
عسكري واسع النطاق نفذ
بإشراف الوكالة اليهودية.
الوكالة اليهودية: (8)
أنشأت
الوكالة اليهودية في
فلسطين عام 1922 استناداً
إلى المادة الرابعة من
صك الانتداب البريطاني
الذي أدمج فيه وعد بلفور
بإقامة وطن قومي لليهود
في فلسطين. وقد نصت المادة
المذكورة من صك الانتداب
على أن "وكالة يهودية مناسبة
سوف يعترف بها كهيئة استشارية
لإدارة فلسطين والتعاون
معها في المسائل الاقتصادية
والاجتماعية وغيرها،
مما قد يؤثر في إقامة وطن
قومي يهودي وحماية مصالح
السكان اليهودي في فلسطين".
حدد
المؤتمر الصهيوني السادس
عشر أهداف الوكالة اليهودية
في النقاط التالية:
1. تطوير
حجم الهجرة اليهودية
إلى فلسطين بصورة متزايدة.
2.
شراء الأراضي في فلسطين
كملكية يهودية عامة.
3. تشجيع
الاستيطان الزراعي المبنى
على العمل اليهودي.
4. نشر
اللغة والتراث العبريين
في فلسطين.
كانت
الوكالة اليهودية خلال
فترة الانتداب البريطاني
أشبه بالحكومة للمستوطنين
الصهيونيين في فلسطين.
وعملت تحت حمايته على
إنشاء الوطن القومي لهم.
بعد
قيام دولة إسرائيل عام
1948 تحولت معظم الاختصاصات
التي كانت تمارسها الوكالة
اليهودية والمنظمة الصهيونية
العالمية إلى الحكومة
الإسرائيلية. وتكرس الفصل
بين مهام المنظمة والوكالة
في القانون الذي أقره
الكنيست عام 1952 وتحدد بموجبه
واعترفت فيه الحكومة
بالوكالة ذات صلاحية
للاستمرار في العمل في
إسرائيل من أجل "تطوير
واستيعاب المهاجرين والمشاركة
في ذلك مع المؤسسات اليهودية
التي تنشط في هذه المجالات".
ــــــــــــــــــــــــــــ
التشكيلات العسكرية:
هاشومير:(9)
معنى
هذه اللفظة بالعبرية
"الحارس"، وهذه المنظمة
هي من أوائل المنظمات
الصهيونية المتخصصة بأعمال
الدفاع وحراسة المستعمرات
والممتلكات اليهودية
في فلسطين.
أسستها
عام 1909 مجموعة من المهاجرين
اليهود من أعضاء الجمعية
اليهودية السرية "البارغيورا"
التي أوجدها اسحق بن زفي
والكسندر زيد وإسرائيل
شوحط عام 1907 لأغراض الحراسة
والأعمال المسلحة.
عنيت
هاشومير منذ تأسيسها
بأعمال الحراسة، ثم تحولت
إلى قوة محاربة منظمة
مهمتها بادئ الأمر الدفاع
عن المستعمرات الصهيونية
في الجليل ثم عن هذه المستعمرات
في مختلف أنحاء فلسطين.
كما أنها أقامت، بالإضافة
إلى ذلك، بعض المستعمرات.
وكانت "مرحابياً" أول مستعمرة
تقيمها هاشومير في غور
بيسان، وتلتها مستعمرتا
"تل حدشيم" في غور بيسان
و"كفار جلعادي" قرب المطلة
في الجليل.
تعرضت
هاشومير إبان الحرب العالمية
الأولى للمطاردة من قبل
الأتراك، ولاسيما بعد
اعتقال ليسانسكي أحد
أعضاء مجموعة التجسس
الصهيونية "نيلي" وكشفه
أسرار تنظيم الهاشومير،
الأمر الذي أدى إلى اعتقال
12 من أعضائها.
أثناء
الانتداب البريطاني واصلت
هاشومير القيام بمهامها
العسكرية ضد العرب والبريطانيين
واشتركت في صد الهجمات
عن المستعمرات الصهيونية
في القدس وتل حاي في الجليل.
وفي بداية العشرينات،
وحين أصبحت الحاجة ماسة
إلى تأسيس قوة صهيونية
محاربة كبيرة وموحدة،
قررت الهاشومير حل نفسها
وإعلان تأسيس الهاغاناه،
إلا أن عدداً من أعضائها
المتطرفين رفضوا الانضمام
إلى الهاغاناه وأسسوا
مجموعة محاربة صغيرة
أطلقوا عليها اسم "كتائب
العمل" وظلوا كذلك حتى
ثورة 1929 وأحداثها الدامية
فاضطروا للانضمام إلى
الهاغاناه.
الهاغاناه: (10)
الهاغاناه،
وتعني في العبرية الدفاع،
منظمة عسكرية صهيونية
استيطانية أسست في القدس
عام 1921 وقادت معركة إنشاء
(إسرائيل) في فلسطين منذ
1921 حتى 1948 فشكلت مع غيرها من
المنظمات الصهيونية العسكرية
المماثلة (جيش الدفاع
الإسرائيلي).
أرسلت
الهاغاناه أثناء الحرب
العالمية الثانية عدداً
كبيراً من أفرادها إلى
البلدان الأوربية التي
كانت واقعة تحت إحتلال
القوات النازية لدعم
حركات المقاومة اليهودية
وتهجير اليهود إلى فلسطين.
وحينما
قرب موعد إعلان قيام إسرائيل
في 15/5/1948 كانت الهاغاناه قد
بلغت حداً من التنظيم
والتسليح والإعداد سمح
لها بأن تتحول إلى ما أطلق
عليه (جيش الدفاع الإسرائيلي).
وهذا ما فعله بن غوريون
رئيس وزراء (إسرائيل) ووزير
الدفاع آنذاك. فقد أصدر
فور إعلان قيام (إسرائيل)
قراراً حل بموجبه الإطار
التنظيمي للهاغاناه وغيرها
من المنظمات العسكرية
الإرهابية الصهيونية
وحولها إلى ما يسمى بجيش
الدفاع الإسرائيلي.
الإرغون: (11)
اسمها
العبري الكامل هو "إرغون
تسفاي لئومي بارتس يسرائيل"،
أي المنظمة العسكرية
القومية في أرض إسرائيل"،
وأطلق عليها أيضاً اسم
"الإتسل". تأسست هذه المنظمة
السرية عام 1931 بالاشتراك
مع جماعة مسلحة من حركة
بيتار الإرهابية والهاغاناه
احتجاجاً على ما اعتبر
"سياسة الهاغاناه الدفاعية"،
وأصبحت الإرغون تحت إمرة
فلاديمير جابوتنسكي وكان
شعارها يداً تمسك بندقية
مكتوباً تحتها "هكذا فقط".
في
عام 1943 استلم مناحيم بيغن
زعامة الإرغون التي صعدت
عملياتها الإرهابية ضد
العرب. وأهم تلك العمليات
نسف فندق الملك داود في
القدس في 22/7/1946، والهجوم الوحشي
على قرية دير ياسين في
9/4/1948.
وفي
أيلول 1948، دمجت الإرغون
في الجيش الإسرائيلي
بناء على أوامر الحكومة
الإسرائيلية، وقد كرم
رئيس الدولة العبرية
قيادات الإرغون في تشرين
الثاني 1968 "لدورهم القيادي"
في خلق (دولة إسرائيل).
ليحي: (12)
بعد
موت جابوتنسكي عام 1940 حدث
انشقاق في منظمة الإرغون
(المنظمة العسكرية القومية
ـ الإتسل) فخرج منها إبراهام
شتيرن ليؤسس عصابة أطلقت
على نفسها اسم "لحي حيروت
إسرائيل) أي (المحاربون
من أجل حرية إسرائيل) وتسمى
اختصاراً "ليحي Lehi"، وقد
عرفت أكثر ما عرفت باسم
"شتيرن" نسبة إلى مؤسسها.
وقد
نفذت ليحي بالتعاون مع
العصابات الصهيونية الأخرى
عمليات إرهاب وتخريب
واسعة ضد العرب والمعسكرات
البريطانية. ومن بين هذه
العمليات جريمة نسف سرايا
يافا في تشرين الثاني
1947.
في
أيار 1948، انضمت قوات ليحي
إلى الجيش الإسرائيلي
وفيما بعد اعترفت الحكومة
الإسرائيلية بأن الخدمة
العسكرية في صفوف ليحي
خدمة خاضعة للتقاعد فصرفت
لجميع الذين خدموا فيها
رواتب التقاعد المستحقة
لهم ومنحت بعضهم وسام
محاربي الدولة.
اللواء اليهودي: (13)
ما
إن اشتعلت الحرب العالمية
الثانية حتى لجأت الحركة
الصهيونية إلى أسلوب
جديد لتحقيق غايتها في
إنشاء دولتها فوق أرض
فلسطين. فإذا كانت القوى
السياسية والدبلوماسية
والمالية الصهيونية هي
التي قامت بالدور الرئيس
أثناء الحرب العالمية
الأولى وبين الحربين
الأولى والثانية فإن
القوة العسكرية الصهيونية
أصبحت أداة ضرورية لفرض
الوجود الصهيوني في فلسطين
وإقامة كيان سياسي له.
ولهذا اتجهت جهود الصهيونية
إلى إنشاء هذه القوة العسكرية.
تبلور
هذا الاتجاه أثناء انعقاد
المؤتمر الصهيوني الحادي
والعشرين في جنيف (آب 1939)،
وكانت الحرب وشيكة الوقوع.
فتوجه حاييم وايزمان
إلى لندن وعرض على رئيس
الحكومة البريطانية وضع
جميع القوى البشرية والكفايات
الفنية الصهيونية تحت
تصرف الحكومة البريطانية
لاستخدامها في الصراع
المقبل.
وحتى
تقرن الصهيونية عرضها
هذا بالتطبيق أنشأت الوكالة
اليهودية مكتباً لتسجيل
المتطوعين اليهود. كما
دعت يهود فلسطين إلى التطوع
في صفوف القوات البريطانية
هناك.
ركزت
الصهيونية جهودها بعد
ذلك على إنشاء وحدات يهودية
مقاتلة مستقلة. فقدم بن
غوريون ووايزمان في شهر
أيار 1940 إلى رئيس الحكومة
البريطانية طلباً بتشكيل
قوتين عسكريتين إحداهما
من يهود فلسطين والثانية
من اليهود المقيمين في
البلاد الأخرى. وفي 13/9/1940 وافقت
الحكومة البريطانية على
إنشاء "قوة مقاتلة يهودية"
من عشرة آلاف رجل منهم3ـ4
آلاف من يهود فلسطين. غير
أن الحكومة فضلت تأجيل
تشكيل هذه القوة فترة
من الزمن حتى إذا حل شهر
آب 1942 أعلنت موافقتها على
إنشاء كتائب مشاة يهودية
للخدمة في الشرق الأوسط.
لم
ترض هذه النتيجة قيادة
الحركة الصهيونية التي
كانت تهدف إلى تشكيل وحدات
يهودية مقاتلة ذات دربة
وخبرة قتالية جيدة تشترك
في العمليات الحربية
وتكون نواة للجيش الصهيوني
النظامي. فضاعفت الصهيونية
مساعيها وضغوطها حتى
قبلت الحكومة البريطانية
في 19/9/1944 إنشاء "لواء يهودي"
يشترك في العمليات الحربية
ويعتبر وحدة قتالية مستقلة
لها علمها الخاص (هو علم
إسرائيل).
تشكل
اللواء اليهودي من الأفواج
اليهودية الثلاثة التي
كانت جزءاً من القوات
البريطانية في فلسطين،
وكان كل فوج مؤلفاً من
خمس سرايا.تدرب اللواء
ـ وقد بلغ ملاكه خمسة آلاف
رجل ـ في مصر ثم رحل إلى
إيطاليا حيث أكمل تدريبه.
والتحق بالقوات البريطانية
المقاتلة في أوروبا فاشترك
في القتال في شمالي إيطاليا
ثم في هولندا وبلجيكا.
وبعد انقضاء عام على انتهاء
الحرب العالمية الثانية
حلت الحكومة البريطانية
اللواء اليهودي فعاد
أكثر ضباطه وجنوده إلى
فلسطين والتحقوا بالهاغاناه
وغيرها من المنظمات الصهيونية
العسكرية الإرهابية وشكلوا
جزءاً هاماً من قوات الاحتلال
الصهيوني ثم من الجيش
الإسرائيلي.
البالماخ: (14)
البالماخ
كلمة منحوتة من لفظتين
عبريتين هما "بلوغوت ماهاتزو"
ومعناها "جند العاصفة".
والبالماخ
تنظيم عسكري أنشيء في
19/5/1941، حين كانت قوات المحور
تقترب من فلسطين. وتكون
التنظيم من وحدات خفيفة
تلقي أفرادها تدريبات
شاقة، خاصة في أعمال النسف
والتخريب والهجوم الصاعق.
تمكنت
قوات البالماخ، نتيجة
لعلاقتها المتينة بحكومة
الانتداب البريطاني على
فلسطين، من التزود بأحدث
الأسلحة، وتأمين سرعة
الحركة، كما أولتها قيادة
الهاغاناه أهمية خاصة،
فكانت قوات البالماخ
قوة الهاغاناه الضاربة،
نظراً لقدرتها على تنفيذ
المهام الهجومية العدوانية
البحتة، ولتمتع أفرادها
بدرجة كبيرة من التثقيف
السياسي الذي يركز على
مبادئ الصهيونية العالمية
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- الموسوعة الفلسطينية،
القسم العام، المجلد
الثاني، دمشق، هيئة
الموسوعة الفلسطينية،
1984.
2- المصدر السابق، المجلد
الثالث.
3- المصدر السابق، المجلد
الثاني.
4- المصدر السابق، المجلد
الثاني.
5- االمصدر السابق، المجلد
الرابع.
6- المصدر السابق،المجلد
الرابع.
7- المصدر السابق، المجلد
الثالث.
8- المصدر السابق،المجلد
الرابع.
9- المصدر السابق، المجلد
الثالث، دمشق.
10-
عبد الوهاب المسيرى،
موسوعة المفاهيم والمصطلحات
الصهيونية، القاهرة،
مركز الدراسات السياسية
والاستراتيجية، 1975.
11-
المصدر السابق.
12-
المصدر السابق.
13-
الموسوعة الفلسطينية،
القسم العام، المجلد
الثالث، دمشق، هيئة
الموسوعة الفلسطينية،
1984.
14-
الموسوعة الفلسطينية،
القسم الثاني(الدراسات
الخاصة)، المجلد الأول،
دمشق، هيئة الموسوعة
الفلسطينية، 1990.